أكد سمو الأمير الدكتور بندر بن سلمان بن محمد آل سعود مستشار سمو ولي العهد ورئيس فريق التحكيم أن الشريعة الإسلامية تميزت بأنها أولت التحكيم مكانة عظيمة وهى رسالة الخالق جل وعلا إلى خلقه أجمعين وهى تحوي كل ما من شأنه ان يجسد العدل للإنسانية جمعاء .وقال سموه خلال افتتاحه ندوة التحكيم من منظور إسلامي ودولي بجدة أمس : إننا ندرك الأهمية الكبيرة التى يمثلها التحكيم فى حل الخلافات سواء على المستوى الدولى أو الاقليمى او الداخلى والاهتمام المتزايد بالتحكيم مرده ما يتمتع به من سمات وخصائص تميزه عن غيره . وأضاف سموه : إن ما افرزته حضارتنا المعاصرة من تطورات تقنية هائلة وظهور ما يعرف اصطلاحا بالتجارة الإلكترونية وظهور الاستثمار الدولي والعقود الدولية باعتبارها عصب الاقتصاد لكل دولة متحضرة أدى إلى ان تولي الدولة أهمية خاصة بالقوانين الهادفة إلى تشجيع الاستثمار وتوفير البيئة الملائمة له. وأوضح سموه أن قواعد الشريعة الإسلامية تحتل مكانة مرموقة فى مجال التحكيم الدولي وذلك باعتبارها تهدف إلى تحقيق أقصى درجات العدل والإنصاف ويمكن لنا ومن خلال منظور إسلامي واع وصحيح ان نطور العمل بالتحكيم ونسهم فى الجهود الدولية الهادفة الى تطوير التحكيم.. والشريعة الإسلامية تتميز بسماحتها واستيعابها احكام الشرائع الأخرى وانه باب مهم من أبواب أصول الفقه يعنى بدراسة الشرائع الأخرى والأخذ منها وفقا للضوابط الشرعية. وقال سمو الأمير بندر بن سلمان : ان الأحداث الإرهابية التي تعصف بالعالم ومنها وللأسف الشديد منطقتنا لا تنسجم مع سماحة الشريعة الإسلامية والتي تنبذ الإرهاب بمختلف أشكاله فهي تحارب الغلو والتطرف والذي هو بعيد كل البعد عن أهداف الشريعة الإسلامية السمحاء والتي جاءت لتؤكد حقوق الحيوان فضلا عن حقوق الإنسان والمحافظة على البيئة حتى فى حالة الحرب.. هذا هو ديننا وهذا هو ما نعتقده ولا يؤثر على من شذ عن الجماعة وانحرف فكره. وأشار سموه الى صدور نظام التحكيم عام 1403ه بعدما كان التحكيم منصوصا على بعض قواعده فى نظام المحكمة التجارية الصادر عام 1350ه وفى العام 1421ه صدر الأمر السامي بإنشاء فريق التحكيم السعودي ليمارس أيضا دوره في ترسيخ مفاهيم التحكيم بالمملكة والتواصل مع الكفاءات العربية والعالمية والتعريف بالتحكيم ومجالاته فى المملكة وفى الفترة التى تلت انشاء الفريق زاد اهتمام الجهات القضائية بالمملكة بالتحكيم وعكف القضاة والمشايخ إضافة الى المختصين فى القانون على دراسته وتأصيله. واضاف : ان الدور الذي يقوم به الفريق يتم وفق برنامج عمل مدروس وبالتعاون مع اهم مراكز التحكيم العربية والدولية ونتيجة للجهود التي بذلها الفريق فقد زاد اهتمام مراكز التحكيم العربية والدولية بالشريعة الإسلامية بل ان بعض مراكز التحكيم الدولية طبقت الشريعة الإسلامية فى قضايا التحكيم المعروضة عليه ومنها غرفة التحكيم فى باريس على سبيل المثال حيث قام الفريق ومن خلال خطة عمل مدروسة بالمساهمة بإدخال القضاة الشرعيين من المملكة فى مجال التحكيم وحثها على المشاركة فى الجهود العربية والدولية للمساهمة فى تطوير التحكيم وتعميم العمل به والقضاء على الاختلاف فى الرؤى التى تعيق العمل بالتحكيم. واشار الى ان المشايخ والقضاة ساهموا فى المؤتمرات والندوات الدولية الخاصة بالتحكيم وقام الفريق بالتنسيق مع أهم المراكز فى المنطقة لعقد الدورات المتخصصة فى مجال التحكيم كما ان الجهود مستمرة من اجل تحقيق أقصى درجات التعاون وتوحيد الجهود للنهوض بالعمل التحكيمى سواء على الصعيد الداخلى او الدولى.وأبان سموه انه ترجمة للمجهودات التى بذلها الفريق فى مجال التحكيم وبعد دخول المملكة فى اتفاقية لاهاى المبرمة عام 1907م فقد طلبت محكمة التحكيم الدائمة بلاهاى ترشيح 4 محكمين سعوديين لتمثيل المملكة لدى محكمة التحكيم الدائمة وقد صدرت الموافقة السامية الكريمة على تعيين 4 محكمين لدى محكمة التحكيم الدائمة بلاهاى كما انه ولاول مرة فى تاريخ المحكمة يتم تسجيل اثنين من القضاة الشرعيين بها.واوضح سموه أن اختيار محكمين لتمثيل المملكة لدى محكمة التحكيم الدائمة سيعزز الدور الريادى الذى تلعبه المملكة فى المحافل الدولية وسيؤدى الى ايجاد قناة اتصال دائمة مع محكمة التحكيم الدائمة من خلال هؤلاء الممثلين وكذلك اثراء تجاربهم والمساهمة بالتعريف بأنظمة المملكة والقواعد الشرعية المعمول بها. وقال سموه ان الجهود التى يبذلها الاتحاد الدولى للمحامين ومنها هذا الجهد الطيب فى اقامة ندوة التحكيم من منظور إسلامي هى جهود تساهم بلا أدنى شك فى ترسيخ العمل بالتحكيم والقاء الضوء على النظرة المتميزة التى توليها الشريعة الإسلامية للتحكيم .وعبر سموه عن شكره للاتحاد لجهوده التى أسفرت عن إنشاء لجنة داخل الاتحاد تحت مسمى الشريعة الإسلامية وكذلك اعتماد اللغة العربية لغة رسمية من لغات الاتحاد معربا عن أمله فى ان تستمر هذه الجهود الهادفة وكذلك الاستمرار فى اقامة مثل هذه الفعاليات والمناسبات. بعدها كرم سمو الأمير الدكتور بندر ابن سلمان أنطوان عقل لتوليه رئاسة الاتحاد الدولي للمحامين كأول رئيس عربي للاتحاد .. وقد بدأت الفعاليات بآي من الذكر الحكيم القى بعدها نائب رئيس الاتحاد الدولي للمحامين عن السعودية ماجد محمد قاروب كلمة رحب فيها بسمو الامير الدكتور بندر بن سلمان وشكره على رعايته ومشاركته فى هذه الندوة بحضور أصحاب الفضيلة القضاة من مختلف المحاكم واللجان القضائية وأعضاء فريق التحكيم السعودي . ولفت قاروب الى ان العدل هو أساس الحكم وهو ما نص عليه النظام الأساسي للدولة فى كل مواده المتعلقة بالقضاء بالنص حيث أصدر ولاة الامر الانظمة والقوانين اللازمة التى تساعد القضاة فى اداء مهامهم باعتبارهم منابر العدل فى المجتمع فجاءت أنظمة الحكم والشورى ونظام المرافعات الشرعية والاجراءات الجزائية والمحاماة معتمدة على المنهج الالهي فى كتابه المجيد (وإذا حكمتم بين الناس فاحكموا بالعدل). ولفت نائب رئيس الاتحاد الدولى للمحامين عن السعودية ان لنا فى الرسول - عليه الصلاة والسلام - قدوة حسنة فى احقاق الحق دون التفضيل للجنس او الدين أو الاحزاب ومن هنا فاننا لن نكون للخائنين مدافعين عنهم ولن نكون من المجادلين فى غير حق ولن نكون ممن يلحنون القول سعيا الى قبضة من نار بل سنكون ان شاء الله خير معين على ارساء العدل والحق. ودعا المحامين الى الانضمام للاتحاد وعضوية هذه اللجنة التى هى محل اهتمام المسلمين حول العالم لننقل لهم مبادئ الشريعة الإسلامية بالحكمة والموعظة الحسنة واستدل قاروب الى ما جاء فى كتاب الله من مبادئ تشريعية فى قوانين الاسرة والتجارة والعمل وحقوق المرأة والطفل وآداب الحوار الفكرى والثقافى والعدل والتحكيم والقانون الدولى وحفظ الامن ومكافحة الارهاب. وشدد على ان تلك المبادئ ستظهر للعالم حقيقة مبادئنا التى تنادى بعدالة المجتمعات النابذة للعنف العائلي والفكري والثقافي الداعية لسلامة الاوطان والمجتمعات. وندد قاروب بحوادث التفجيرات الاخيرة التى شهدتها الرياض ودعا الله ان يرحم الأبرياء ممن غدرت بهم الأيادي العابثة التى تسترت خلف شعارات لا تمت للدين والشريعة بصلة . وأشار نائب رئيس الاتحاد الدولي للمحامين عن السعودية إلى أهمية الدور الذي يقع على كاهل المحامين وأهميتهم الاجتماعية والثقافية لحماية المكتسبات ليس فقط داخل الوطن بل خارج حدوده في مختلف المنظمات والهيئات الدولية وبخاصة المنظمات غير الحكومية التى تؤدى أدوارا مهمة فى التأثير على القرارات الدولية والنظر فى قضايا الاسر فى غوانتانامو وقضية أهالى ضحايا أحداث سبتمبر المؤسفة فى نيويورك. وأكد ان تلك الأحداث هى خير دليل على البعد الدولي لحدود عمل ومهنة المحامى اضافة الى عمله الأصلي فى قضايا المنازعات التجارية الدولية أمام مراكز التحكيم الدولية ومنظمة التجارة العالمية ومتابعة القضايا أمام محاكم مختلف دول العالم مع زملائهم ونظرائهم.ودعا الى ضرورة توثيق وتكثيف التعاون مع مكاتب المحاماة الوطنية لتمكينها من القيام بمهامها الحقوقية والاجتماعية والثقافية. واكد قاروب انه سيتم قريبا انشاء اللجنة الوطنية السعودية داخل الاتحاد الدولى للمحامين وانتخاب رئيس لها وهو ماسيفعل دور المحامين من السعودية داخل الاتحاد وقراراته .ولفت الى انه سيتم عقد لقاء تعريفي موسع للاتحاد الدولى للمحامين برعاية وزير العدل بالتنسيق مع الادارة العامه للمحامين مع جميع أساتذة الشريعة والقانون والزملاء المحامين لشرح كيفية الانضمام للاتحاد والاستفادة والافادة منه. وأعرب قاروب عن شكره وتقديره لوزير الثقافة والإعلام الدكتور فؤاد عبد السلام الفارسي وكذلك فى تغطية فعاليات الندوة لتكون فى مستوى الحدث. كما شكر كل من ساهم فى نجاح فعاليات الندوة فى مقدمتهم مجموعة (بن لادن السعودية) ومجموعة الزاهد وشركة ميثاق للتأمين وشركة محمود سعيد التضامنية وشركة عبد الخالق سعيد للتجارة والصناعة المحدودة والخطوط السعودية الناقل الرسمى للندوة وقناة الاوائل. بعد ذلك أعلن ماجد قاروب اسم المرشح الجديد لمنصب نائب رئيس الاتحاد الدولى للمحامين عن السعودية المحامى أسامة السليم متمنيا له النجاح فى اداء مهمته بعد قبول رئيس الاتحاد واللجنة التنفيذية لذلك الترشيح. عقب ذلك ألقى رئيس الاتحاد الدولى للمحامين أنطوان عقل كلمة عبر فيها عن شكره وتقديره للمملكة على استضافتها ندوة التحكيم من منظور اسلامى ودولى والتي وافق عليها الاتحاد الدولى لما للمملكة من مكانة عربية ودولية ولدورها الفاعل فى الدفاع عن العدل والحق والسلام.ونوه عقل بجهود صاحب السمو الامير الدكتور بندر بن سلمان بن محمد آل سعود مستشار سمو ولي العهد ورئيس فريق التحكيم السعودى على جهوده الموفقة داخل الاتحاد والتى كان من ثمارها ونتائجها اعتماد اللغة العربية لغة رسمية داخل الاتحاد اضافة الى السعي نحو استحداث لجنة للشريعة الاسلامية وهو أمر يستحق الثناء والتقدير. وندد رئيس الاتحاد الدولى للمحامين نيابة عن ثلاثة ملايين محام و 315 نقابة للمحامين فى مختلف انحاء العالم بالتفجيرات الآثمة التى نفذها المخربون فى مدينة الرياض وقال ان تلك الاعمال الارهابية فى قتل الابرياء أمر تنبذه كل الاديان السماوية .وأعرب عقل عن تضامن الاتحاد الدولى للمحامين مع كل الاجراءات التى تتخذها المملكة لمكافحة الارهاب وحماية أمنها ومكتسباتها وهو حق مشروع فى تقديم هؤلاء المجرمين للعدالة لينالوا جزاءهم. وقدم تعازيه الحارة لخادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الامين فى ضحايا الحادث الآثم . وأكد عقل أن تلك الاحداث لن تنال من سمعة ومكانة المملكة التى كانت ولا تزال الداعم القوى لكل قضايا الحق والعدل والسلام.وأشار الى أهمية انعقاد الندوة الخاصة بالتحكيم من منظور اسلامى ودولى وقال : ان الندوة ستتطرق لجانب هام وهو القضاء والعدالة فى الشريعة الاسلامية وهو موضوع مهم يتطلب النقاش والحوار لابراز المبادئ التى جاءت بها الشريعة الاسلامية . واستعرض رئيس الاتحاد الدولى للمحامين ما يشهده العالم اليوم من متغيرات وأحداث تتطلب بذل المزيد من الجهد خاصة فيما يتعلق بدور منظمة الاممالمتحدة التى شاخت ولم يعد لها دور فى العديد من القضايا الاقليمية والدولية خاصة فيما يتعلق بحقوق الانسان حيث ترتكب جرائم الحرب فى فلسطين والعراق ومناطق كثيرة من العالم . ودعا الى ضرورة تكاتف الجهود من أجل عمل موحد يضمن للعالم أمنه واستقراره دون هيمنة من الدول صاحبة القرار وضرورة عودة المنظمة الدولية لتؤدى دورها المطلوب بما يتوافق مع مبادئها والحفاظ على الحقوق والمكتسبات . واضاف ان الندوة ستناقش ايضا جوانب التحكيم من وجهات نظر اسلامية ودولية بما يضمن الوصول الى الأهداف المنشودة من تنظيم فعاليات هذه الندوة. د.عبدالله آل الشيخ