عزيزي رئيس التحرير المشهد الاسبوعي نفسه يتكرر في تلك الشركة، فالمدير قطع على نفسه وعدا ان لا يباشر الموظفون اعمالهم دون جرعة تخويف وترهيب، وتأنيب اذا ما لزم الامر، معتقدا ان الاصل في اولئك الناس السلبية والخمول وان ذلك هو السبيل لحضهم على الالتزام بالعمل. كثيرون تسوق لهم عقولهم هذا النهج من التحفيز، فهو امتداد لانماط التربية الاجتماعية التقليدية، التي تجعل من القسوة سببا لتحقيق الاستقامة في سلوك المرء، ومن الترهيب وسيلة لانضباط الجموع. هي صورة يراد استنساخها لتكون نموذجا لدوائر اجتماعية اخرى، في زمن تبدلت فيه اساليب التربية فضلا عن انماط الادارة، وصار المجتمع يبحث عن اطر اكثر حضارية لاشكال العلاقة الانسانية في مختلف تشكيلاتها، تنطلق من كون الانسان العنصر الاهم في اي تشكيل اجتماعي، وتوافره على القابلية للعطاء متى ما استشعر بالرضا، الامر الذي يحتم الاهتمام به بدل قهره، وتشجيعه بدل نهره وزجره. ولن يبدو غريبا ان وجدت من يبرر ذاك النمط من التحفيز بالتوبيخ، وربما يذهب بعيدا في سرد ادلة نجاحه ، فالموظف الذي يتهدده كل مرة بالطرد او الخصم او النقل لن يجد مفرا من القبول بالامر الواقع خاصة اذا كان من ذوي المؤهلات المنخفضة، حيث ظروف سوق العمل لا تضمن لاحد الحصول على وظيفة بسهولة هذه الايام، ولعل ذلك ما يدفع نفرا من اولئك المديرين الى الاستبداد وتكريس هذا النوع من العلاقة القهرية بين الموظف والشركة. واذا كان ذلك النوع من التحفيز قد يضمن للمدير سلطته وللشركة استمراريتها ، فانه من غير المتوقع ان يعين الشركة في تحقيق ما تنشد من تطور على مستوى الاداء، فمنسوب الولاء عند الموظف متوقف على ما تحققه له الوظيفة من رضا، وغياب الحوافز بمعناها الحقيقي، يجعل من شأن الالتزام الوظيفي شكلانيا ليس الا، فطالما كان التوبيخ واردا في كل الاحوال، لن يمتنع الموظف المسكين عن المراوغة والالتفاف ولو بحثا عما يستحق سيل الكلمات الثقيلة التي راح يألفها الموظفون هم شركاء في النجاح وهكذا ينبغي ان يكونوا ، ووفق هذه الرؤية ينبغي ان يعاملوا، وكم تمنينا ان يتمثل القوم سيرة النبي صلى الله عليه وسلم الذي استطاع ان يجمع الناس من حوله، من غير غلظة في التعامل، وانما بلين القول وجميل الخلق وحسن المشورة، فالغلظة توجب نفورا واعراضا عند الآخرين، وكما قال تعالى : (فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك فاعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم في الأمر فإذا عزمت فتوكل على الله إن الله يحب المتوكلين) سورة آل عمران. حسين عبدالشهيد آل نصر جامعة الملك فهد - الظهران