يختلف مفهوم النجاح من شخص لآخر بناء على القيم والأهداف والأولويات، ويتفق الجميع بأنه شعور بالرضا والإنجاز نتيجة جهد موجه ومثابرة في الأداء، فتحقيق الأهداف والطموحات التي يسعى إليها الآخرين أفراداً ومؤسسات، سواء كانت شخصية أو مهنية أو تعليمية أو اجتماعية تتحقق من خلال الرؤية الواضحة والأهداف المحددة، والإصرار والمثابرة لمواجهة الصعوبات وتجاوز العقبات، والتخطيط والتنظيم، والتعلم المستمر والتطوير الذاتي، حتى تظهر الإنجازات والنتائج على أرض الواقع، يغلف ذلك مرونة وقدرة على التكيف مع المتغيرات المتوقعة وغير المتوقعة. وقصص النجاح حكايات ملهمة تسلط الضوء على الأشخاص الذين تجاوزوا الظروف ليحققوا طموحاتهم، وعلى المؤسسات التي بدأت صغيرة وتحولت إلى كيانات ناجحة بفضل الإصرار والتخطيط والعمل الجاد لتحقق أهدافها رغم التحديات والعقبات. وإن كان للنجاح رحلة، وللتميز قصة فلهيئة تقويم التعليم والتدريب أنموذجاً ملهماً للتخطيط الإستراتيجي والتنفيذ المتقن في مشاريعها لرفع جودة التعليم والتدريب وضمان تحقيق مخرجات تتماشى مع رؤية المملكة 2030، حيث تنفذ العديد من المشاريع والمبادرات النوعية التي تسهم في تطوير المنظومة التعليمية والتدريبية. وللتقويم المدرسي حضوره الممتد من هجرة إلى قرية إلى محافظة إلى مدينة شملت (450) ألف رحلة لأكثر من (24) ألف مدرسة يقوم بها (1650) أخصائي تقويم شملت (2100) من المدن والقرى والمحافظات. كل ذلك العطاء حدث ورافقته الكثير من قصص النجاح الملهمة لأخصائيين التقويم المدرسي متجاوزين ومتغلبين على كل الصعوبات والتحديات وهم يحققون الأهداف المرسومة مركزين على الهدف الأسمى برفع الجودة والتميز. إنهم أولئك الذي عزموا وأصروا على أن يتقاسموا من المواظبة دون تباطؤ ومن العزيمة دون تقاعس ليصلوا إلى أبعد نقطة في خريطة المملكة وعلى قمم الجبال يقفوا ليكونوا نبراسا لعزيمة لا تفتتها الصعاب، ويدونوا واقع مدارس تضم أبناءنا الذين ينهلون من العلم والتعلم في مشهد يؤكد على عطاء يبذله الوطن وطلاب تحركهم الرغبة ومعلمين يستشعرون المسؤولية وفريق عمل يستمتع برحلة وصول. إنها قصة نجاح لوطن ولطلاب ولأسر ولمعلمين ولفريق التقويم يوثقه الواقع بكل عز وافتخار تلك رحلة نجاح وبصمة ثابتة تقول في تفاصيلها على لسان أحد شهود الرحلة وهو يرويها باعتزاز وشغف العطاء بقوله: "كانت زيارتنا لمدرسة في مكان نائي على الحدود اليمنية تمثل منارة إشعاع للعلم، وهي مدرسة الأرقم بن أبي الأرقم في جبل العبادل، الذي يبلغ ارتفاعه 3000 مترا عن سطح البحر، وطريق وعر جدا صعودا ونزولا، ويستغرق صعوده 50 دقيقة، ونزوله 40 دقيقة ثم السير نحو المدرسة خلال 45 دقيقة. ورغم أن المبنى مستأجر والمدرسة في موقع ناءٍ جداً والطلاب يأتون من قرى متناثرة حول الجبل ويبلغ عددهم (268) طالبًا في المتوسط والثانوي، إلا أن الروح المعنوية لمنسوبي المدرسة عالية جدًا، يعملون بجهد على تطبيق الكثير من استراتيجيات التدريس الحديثة، والشغف من الطلاب لتحصيل العلم شديدة. فكانت نتيجة التلاحم أن يتبوأ ستة أخوة من خريجي هذه المدرسة مراتب بين الأطباء السعوديين، والأخ السابع في الصف الثالث الثانوي الآن حقق من المحاولة الأولى 97 في اختبار القدرات، ولم ترضِه هذه النتيجة ويدخل محاولة ثانية ليحقق نسبة 100 % وهو في طريقه إلى كلية الطب متتبعاً أثر إخوته، وقد استعرضت المدرسة مجموعة من جنود الوطن الأطباء والمهندسين والطيارين وغيرهم بالاسم مما أنجبتهم وتفتخر بهم". ويعتبر وصول منسوبي أخصائي التقويم المدرسي من خلال هيئة تقويم التعليم والتدريب إلى هذه المدارس والوقوف عليها من الإنجازات التي يعتز بها الجميع وهي تعكس صورة حية على التكامل الذي صنعه فريق التقويم المدرسي. ونحن نزهو جميعاً ونفتخر بما نراه من منجزات متتالية ومتوافقة مع رؤية طموحة وتوجهات سديدة. إنها قصة نجاح من قصص كثيرة نفخر بوجودها وأبعادها ونحن نلمس هذا الحضور الذي يعكس رؤية خادم الحرمين الشريفين -حفظه الله- وهو يؤكد على أن الإنسان أولاً. وإن كان "النجاح لا يُقاس بالمكانة التي وصلت إليها، بل بالعقبات التي تغلبت عليها للوصول"، فتحقيق هيئة تقويم التعليم والتدريب خططها الاستراتيجية بالوصول لكل منارة علم، لتحقيق أفضل الممارسات الدولية في مجال تقييم التعليم، وتقييم أداء المدارس من خلال معايير دقيقة على مستوى القيادة، والمعلمين، والطلاب، والبنية التحتية، فضلا عن تطبيق أدوات قياس شاملة من خلال الزيارات الميدانية، واستطلاعات رأي للطلاب وأولياء الأمور، وتعزيز مبدأ الشفافية من خلال إظهار نقاط القوة والضعف في الأداء المدرسي، ومن ثم تحليل نتائج الأداء الأكاديمي للمدرسة مما يساعد في اتخاذ قرارات تطويرية قائمة على البيانات، والنتائج الملموسة، فتتحسن مخرجات التعليم، و تعزز التنمية المهنية للمعلمين، وترتفع كفاءة الإدارة المدرسية، فتتحقق جودة التعليم في المدارس من خلال التوجيه نحو تطوير الخطط التعليمية والتربوية. وتعد هذه الجهود الدؤوبة مصدر إلهام وتحفيز، ونشر الأمل وتعزيز ثقافة الإيجابية، وتوفر دروسا عملية يمكن للمؤسسات الأخرى الاستفادة منها. فهي ليست فقط مجرد إعلام بالجهود، بل دليل على أن النجاح ممكن لأي جهة تمتلك الرؤية والعزيمة. فمشروع التقويم المدرسي هو قصة نجاح مستدامة تبرز الدور الفعال لهيئة تقويم التعليم في تحسين جودة التعليم وضمان إعداد أجيال قادرة على مواجهة التحديات.