ربما يستغرب بعضنا من تقليعات بعض الشباب سواء في قصات الشعر أو في الألبسة التي يلبسونها.. وكذلك من التبرم والضيق الذي يعيشه الشاب المراهق!! والذي نتيجته نقمته على والديه والناس أجمعين بل وشعوره بالغضب والاشمئزاز من مجتمع الكبار، هاربا من قضاء الوقت مع والديه ومن الجلوس في منتديات الكبار ومناسباتهم. وهذا أمر طبعي! قابل للتغيير والإصلاح متى ما أدركنا خصائص هذه المرحلة وتعاملنا معها برفق ولين مع الصبر عليه والدعاء له. المراهقة مرحلة زمنية سريعة ينتقل من خلالها من مرحلة الطفولة إلى مرحلة الشباب ومن ثم الرجولة بما يعتريها من خصائص وطبائع، حيث تظهر عليه تغييرات - فسيولوجية - نفسية وجسمية واجتماعية وثقافية تتغير من خلالها نظرتهم إلى أنفسهم ونظرة الآخرين إليهم. وتتغير توقعات الناس منهم تجعله يعيش في قلق وحيرة بينه وبين نفسه، وهي ليست مرحلة مخيفة كما يتصورها البعض إذا أحسنا التعامل معها وذلك باحترام شخصيته وتقدير شعوره وعدم الامتعاض من قدره أو إهانته وتوبيخه أو أمره ونهيه أو نقده و تعييره بأمور، وخصوصا أمام زملائه فإن ذلك له الأثر الكبير على تنشئته وشخصيته وخاصة في هذه المرحلة من حياته والتي يكون فيها معتدا بنفسه، شاعرا بالاستقلالية التامة، وليس هذا فقط بل يشعر أنه محط أنظار الناس وبؤرة اهتمامهم، لذا من الضرورة بمكان مراعاة هذا الأمر. المراهق ذو حساسية مرهفة، وعاطفة جياشة، وهمة عالية، فهو يتألم أشد التألم عند نقد الآخرين له، وقد يكتم آلامه وحسراته عن الآخرين وهذه نتيجة ما يشعر به من خسارة، وخيبة أمل. مما كان يعتقده عن رأي الآخرين فيه، حيث يجد الذم عوضا عن المدح، وذكر مثالبه بدلا عن مزاياه، وزرع الشك والريب من تصرفاته بدلا من إعطاءه الثقة،عندها لاعجب إذا شعر بالضيق والتبرم، والخيبة والإحباط، وفقدان الثقة وعدم الإحساس بالمسؤولية، ومن ثم العزلة والانطوائية والارتماء في أحضان رفقاء السوء والانقطاع إليهم لما يجده من تشابه في الطبائع والأحاسيس، ولأنها تغذي حاجاته النفسية عندها تبدأ هذه الرفقة السيئة تشكله حيث شاءت، وربما وقع في حبائل الموبقات من جرائم وسرقة ومخدرات.. وكانت بدايتها هي إثبات الذات!!. لذا لابد من تعاضد الوالدين جميعا في تهيئة بيئة المنزل، لتكون بيئة صالحة هادئة آمنة مطمئنة - ينشأ فيها الشاب متزنا واثقا من نفسه يعامل معاملة طابعها الاحترام والتقدير، والحوار والمشاورة، يُثنى عليه ويُمدح أمام الرجال، يعطى كامل الثقة مع المراقبة غير المباشرة التي لا يشعر بها، كذلك ينبغي دعوة زملائه إلى البيت والترحيب بهم والجلوس معهم والسؤال عن حالهم وحال أسرهم والثناء عليهم.المراهق في حاجة ماسة إلى من يأخذ بيده ويوجهه إلى الخير ويساعده على التكيف مع نفسه ومع من حوله في شكل خدمات وجهود منظمة منسقة ومخطط لها بإتقان وموجه تنفيذها توجيها سليما لتحقيق الأهداف والغايات ألمرسومة لها. المراهق في حاجة إلى توجيهات طابعها الرحمة والشفقة، والحوار والتفاهم، والحب والحنان، لا العنف والشدة أو الضرب والقسوة وصدق الله إذ يقول لنبيه ورسوله معلم الأمة الأول {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ}. [email protected]