قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - إنه لا بد قبل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من ثلاثة أمور: العلم والرفق والصبر.. النهي والرفق معه والصبر بعده، فالعلم لا بد منه إذ كيف يُمكن الأمر بشيء لا يعلم عنه أنه معروف، أو يُنهى عن أمر لا يُعلم أنه منكر والرفق والصبر معه. قال عمر بن عبد العزيز - رحمه الله -: من عبدَ الله بغير علم كان يفسد أكثر مما يصلح، وجاء في الأثر عن السلف الصالح: لا يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر إلا من كان فقيهاً فيما يأمر به فقيهاً فيما ينهى عنه رفيقاً فيما يأمر به رفيقاً فيما ينهى عنه حليماً فيما يأمر به حليماً فيما ينهى عنه، إذ لا يتم الأمر والنهي على أكمل وجه إلا بهذه الثلاثة، إذاً فالواجب على الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر في زمننا هذا أن يكونوا على بيّنة فيما يأمرون به أو ينهون عنه وأن يعاملوا الناس بالرفق وبالأخلاق الحسنة على اختلاف أجناسهم لا بالتشدد والغلظة والقسوة والألفاظ القاسية والعبارات الجافة وعدم تسفيههم واحتقارهم قال تعالى: ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ .. وقال تعالى: فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ .. وعن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن الله رفيق يحب الرفق في الأمر كله).. رواه الإمام البخاري والإمام مسلم في صحيحيهما. وفي الحديث الذي رواه الإمام مسلم في صحيحه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن الله رفيق يحب الرفق ويعطي على الرفق ما لا يعطي على العنف وما لا يعطي على ما سواه والمقصود بالعنف الشدة والقسوة مما يسيء وينفر الناس عن قبول ما يُؤمرون به أو يُنهون عنه.. وعن أنس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: يسروا ولا تعسروا وبشروا ولا تنفروا.. ومما يدل على وجوب الرفق أن واعظاً وعظ الخليفة العباسي المأمون فأغلظ في وعظه وأعنف له في القول فقال: يا رجل ارفق فقد بعث الله من هو خير منك إلى من شر مني وأمره بالرفق قال تعالى: فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَّيِّنًا لَّعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى .. وقال صلى الله عليه وسلم: إن الرفق لا يكون في شيء إلا زانه ولا يُنزع من شيء إلا شانه.. رواه الإمام مسلم في صحيحه.. وهذا الحديث وما قبله من الأحاديث مما يدل دلالة قاطعة على يُسر الإسلام في جميع تكاليفه وتشريعاته.. والحمد لله رب العالمين.