تناول العدد الأخير من مجلة (البناء) ملف عمارة الصحراء بالإضافة إلى موضوعين عن ثقافة البناء وبناء الثقافة، المقر الجديد لشركة سابك وموضوعا آخر وقد تناول المهندس إبراهيم عبدالله أبا الخيل رئيس التحرير الموضوع الرئيسي للعدد في مقالته الافتتاحية وقال الصحراء برومانسيتها وجمالها الأخاذ وبقسوتها وصعوبة الحياة فيها.. صنعت العديد من الحكايات والأساطير التي مازالت عالقة في أذهاننا، وطبعت شخصياتنا وشكلت ثقافتنا التي كانت دائماً عبارة عن مزيج من البداوة والتحضر.. هذه الثقافة التي يظهر فيها الكرم والفروسية والتضحية مع بعض القساوة انه قدر أن نرتبط بالصحراء وترتبط الصحراء بنا .. هذا الارتباط الوثيق يفرض علينا العمل والبحث عن أفكار جديدة تجعلنا قادرين على الإبقاء على علاقتنا التاريخية مع الصحراء .. نحن نعلم أن الظروف المحيطة بنا غيرت كثيراً من تلك العلاقة التي كانت قائمة على التوازن والاستدامة والاستفادة القصوى من موارد الصحراء القليلة.. هذا التغيير لم يحدث خللا في الصحراء ذاتها بقدر ما أحدث خللا في قدرتنا الاستيعابية على التحمل، ربما السؤال الذي نود أن نطرحه هنا: هل نحن قادرون على تحمل قسوة الصحراء مرة أخرى .. وربما يكون السؤال الأكثر واقعياً هو: هل سنضطر يوماً أن نعود لعلاقتنا القديمة مع الصحراء قد يشوب هذه النظرة بعض التشاؤم ولكنه سؤال على أي حال ينقلنا لندوة التنمية الصحراوية التي تنظمها وزارة الأشغال العامة والإسكان وهي ندوة تحاول أن تثير العديد من الأسئلة وتقدم بعض الحلول التي تخاطب مستقبل عمارة الصحراء في العالم العربي.. خصوصاً مع ندرة المياه والحاجة الملحة للبحث عن بدائل جديدة تجعل الصحراء قابلة للحياة مع تزايد السكان والضغط على المراكز الحضرية.. أحد التطورات التي ستجعل من الصحراء تعود للحياة من جديد هو عدم الحاجة الفعلية لارتباط مكان العمل بالسكن.. هذا سيجعل الحياة في الصحراء مستقبلاً ممكنة ومجدية اقتصادياً قد تكون هذه الفكرة رومانسية إلا أنها قابلة للتحقيق على أن أحد العوائق الرئيسية التي تقف أمام هذه هي الخدمات، فنحن لا نعتقد أن انساننا المعاصر قادر على تحمل الصحراء دون خدمات الحياة المتحضرة التي نعيشها حالياً وسنعيشها مستقبلاً وهذا ما ستقدمه لنا التكنولوجيا في القريب المنظور .. علاقتنا التقليدية بالصحراء ذهبت ولن تعود هذا ما يجعلنا نؤيد الهدف الذي يسعى إلى طرح رؤى وأفكار جديدة حول التنمية الصحراوية ، فهي المستقبل الذي لا مفر لنا منه خصوصاً عندنا في منطقة الخليج العربي لأننا ليس لدينا سوى الصحراء وبيئتها، وهذا يضاعف المسؤولية علينا ربما أكثر من الدول العربية الأخرى التي لديها بيئات مختلفة سوى الصحراء وتحاول أن تنمي الصحراء كخيار إضافي. عمارة الصحراء التي لا نجد لأنفسنا خياراً غيرها تفرض علينا مسؤوليات جديدة .. لعل أهمها هي توفير فرصة حياة أفضل لأجيال المستقبل من خلال الاستفادة من خبراتنا السابقة وتقنياتنا المعاصرة لجعل الصحراء بيئة صالحة للحياة. كل هذه الأسباب وغيرها تدعونا وبإلحاح إلى اقتراح إنشاء مركز للدراسات يعني بتنمية الصحراء وعمارتها.