«فاضل العماني» احد الكتاب المعروفين في الساحة شارك في العديد من الملتقيات الثقافية وكان ضيفا على العديد من اللقاءات التليفزيونية والصحفية.. له آراؤه الجريئة ومواقفه التي تتجه للنهوض بالوعي الفكري الثقافي.. (الجسر الثقافي) وقد كان لنا مع العماني هذا الحوار: • كيف تقيِّم الحِراك الثقافي في المملكة هذه الأيام؟ -بداية، نحن بحاجة ماسة للاقتناع بأن هناك حراكا ثقافيا في المملكة، وانه ليس مجرد بدايات او اجتهادات او مشاريع لم تخرج بعد من شرنقة البدايات، أو على أقل تقدير لم تصل بعد لحالة ثقافية مستقرة في فكر ومزاج وسلوك المجتمع السعودي، وعلى العموم، ان ما يحدث في المشهد الثقافي السعودي من ملتقيات ومهرجانات وفعاليات ثقافية، إضافة إلى تلك الصراعات المفتعلة، فهي لم تفض بعد لتظهر مناخا ثقافيا صحيا. في ظني، وهنا بعض الظن إثم، اننا لم نتفق بعد على مفهوم الثقافة، ومن هو المثقف؟ ومدى خطورة وأهمية الثقافة، والكثير من الابجديات والأدبيات الثقافية. • ماذا تعني لك الكتابة؟ - بالنسبة لي، الكتابة ليست مجرد هواية او وسيلة او غاية، قد تكون كل ذلك واكثر، ولكنها في المقام الاول، ممارسة اعشقها الى حد الجنون، الكتابة بالنسبة لي، ليست مجرد مهنة، ولكنها لعنة جميلة. • كتابك الاخير «حرّاس النوايا»، ماذا يُقدم، وهل للنوايا حرّاس؟ - حرّاس النوايا، حاولت أن اسجل فيه كل قناعاتي وافكاري ومعتقداتي وطموحاتي وتحدياتي، جنباً إلى جنب مع كل خساراتي وانكساراتي وحماقاتي وتحولاتي. هو يشبهني حد التطابق. نعم، للنوايا حرّاس، وهؤلاء هم النسخة الاخيرة والحديثة ممن يظنون بانهم يملكون الحقيقة المطلقة والمعرفة الكاملة، بل ويتوهمون بان لديهم القدرة على معرفة كل شيء في الدين والسياسة والاخلاق والاقتصاد والاعلام، وفي كل شيء تقريباً. واحاول من خلال هذا الكتاب، أن ارصد الصراع الفكري بين مختلف التيارات في مجتمعنا، ولكن بشيء من البساطة والسهولة، دون الوقوع في فخ التعريفات والمصطلحات والنظريات. • ككاتب مقال منذ أكثر من عقد من الزمن، هل تتعرف الأصداء عن مقالاتك؟ -في عصر الاعلام الجديد بوسائطه ووسائله وتقنياته الهائلة، لم تعد الكتابة تخضع لذلك الثالوث الاعلامي القديم، مرسل ومستقبل ورسالة. لا، لم يعد الامر كذلك، فقد تغيرت كل قوانين اللعبة. الآن، الانسان البسيط هو من يصنع اعلامه وخياراته، بل ويُشارك في صنع حالة اعلامية وثقافية تفاعلية. الكاتب الآن، مشارك للقراء في الكتابة والافكار والمعلومات، ولم يعد ذلك «الملهم» الذي يُمارس الكتابة من برجه العاجي. •مَن الناقد الذي يلفت انتباه الكاتب فاضل العماني؟ وهل بالفعل لدينا نقاد في المشهد الثقافي؟ - الناقد الذي يبحر بالمنتج الثقافي في فضاءات واسعة من العمق والتحليل والرؤية. فالناقد الحقيقي، هو من يُضيء في النص الذي امامه، لا من يرصد اشكالاته اللغوية او الاملائية او الشكلية، رغم اهمية كل ذلك. والمشهد الثقافي السعودي، يغص بالنقاد بمختلف توجهاتهم ومستوياتهم، ولكن بشيء من الصدق، الناقد السعودي الحقيقي يكاد يكون عملة نادرة بين ذلك الكم الهائل من النقاد المزوَرين، بفتح الواو. • كيف تُقيّم تجربة انتخابات الأندية الأدبية؟ الانتخابات، ليست مجرد صندوق وفرز اصوات، ولكن الانتخابات منظومة متكاملة تستند لقواعد ديموقراطية. ونحن، بكل اسف لا نُجيد اللعبة الديموقراطية، لأنها كما يظنها البعض رجس من عمل الشيطان. وكم هو مضحك، بل مبكٍ ما يحدث للاندية الادبية في ما يسمى الانتخابات، فالعدد قليل جداً، والآليات بدائية، وليس هناك مشاريع تُقدم من المرشحين.. الامر مجرد اسماء او قوائم او شلل. مشاكل اعضاء مجالس الاندية الادبية فيما بينهم، هي التي تتصدر اعمال وانجازات تلك المجالس. طبعاً، هناك القليل من المجالس التي تحاول ان تنجز ثقافيا وفكريا ومجتمعيا، ولكنها تحتاج لدعم مالي ومعنوي رسمي وشعبي. • وماذا عن الاعلام الجديد، وخصوصاً مواقع التواصل الاجتماعي كالفيس بوك وتويتر.. كيف ساهمت في رفد المشهد الثقافي؟ - مواقع التواصل الاجتماعي، ساهمت بشكل كبير جداً في ابراز الكثير من المواهب التي كانت بعيدة عن الاضواء، خاصة في ظل اعلام تقليدي تتحكم فيه نخبة ديناصورية تسببت ومازالت في وأد الطاقات والمواهب والتجارب الشابة. الآن، انتهى عصر المنع والحجب والرقابة والوصاية، إذ اصبحت الساحة الثقافية اشبه بفوضى خلاقة لكل من يجد او لا يجد حتى، في نفسه الموهبة والقدرة على المشاركة في الحركة الثقافية. الآن، لم تعد الكرة في ملعب مدرسة اعلامية تقليدية، بل الفرصة الآن سانحة للكل، وهنا تكمن الخطورة أيضاً، اذ ان المتابع لديه حرية الفرز والاختيار. لقد اصبحت الساحة الالكترونية تعج بالمسابقات والفعاليات والجوائز والافكار والنتاجات الفكرية والثقافية، وزاد منسوب الحرية والشفافية. • هل لدينا مثقفون يطلق عليهم النخبة المزيفة؟ - نعم، هذه النخبة المزيفة، تتربع على الكثير من مفاصل المشهد الثقافي، بكل اسف. • ما هي علاقتك بقرائك؟ -اكثر من رائعة، واستفيد كثيراً من نقدهم وملاحظاتهم، بل ومن اتهاماتهم احياناً. لدي الآن الكثير من الاصدقاء من كل المناطق، كانوا في الاساس من قرائي، بل ان بعضهم في بداية الامر، كان يكيل لي السباب والاتهامات، ولكننا الآن اصدقاء، بل اخوة نلتقي في تواصل مستمر. • كثيراً ما تكون كتاباتك ولقاءاتك التلفزيونية اكثر صدامية.. هل هذه هي شخصيتك الحقيقية؟ -لا، انا بطبيعتي اميل للهدوء والعقل واللين، ولكن احياناً اضطر لاستخدام بعض الاساليب الانفعالية لمواجهة بعض الافكار والتيارات المتحجرة والمتشددة. عموما، نحن نعيش في عصر استثنائي، لا مكان فيه للاسف الشديد لمقارعة الحجة بالحجة او الفكر بالفكر.