القاص والروائي عبدالحفيظ الشمري أحد الوجوه البارزة في مجال القصة والرواية، يهتم بالتفاصيل فيما يكتبه، ويتابع بدقة ما يحدث في المشهد الثقافي بالخصوص، ويجيد طرح التساؤلات المثيرة التي تحرك شهوة التفكير، ورغم وقفاته المنتقدة للواقع الثقافي يحمل الأمل في أيام مقبلة أكثر جمالا في المشهد الثقافي السعودي .. كانت له هذه الوقفة مع الشمري حول بعض قضايا الثقافة خلال الحوار التالي: جد وتميز كيف تقيِّم الحِراك الثقافي في المملكة الآن؟ - من حيث ما هو فردي لا بأس به، فهناك من يعمل بجد وتميز ولا يلتفت إلى أي مؤسسة ثقافية تتثاءب، أو نادٍ أدبي هزيل .. فعلى المستوى الإبداعي فإن الكاتب لدينا شق طريقه بنفسه وليس للأندية أو فذلكات النقد والنقاد أي دور أو فضل على هؤلاء المبدعين. هل أخذت رواية «سهو» ما كنت تتوقع إعلاميا.. وماذا بقي لك كمثقف وروائي؟ - ليس الهدف أن تكون الرواية لدي أو لدى غيري من الكتاب الذين ينشدون الالتزام بمبدأ الوعي أن تكون الرواية هدفا اعلاميا .. لم أفكر في هذا الأمر.. فلو كان الأمر كذلك فقل على إلإبداع السلام، فسؤالك في مكانه، إذ إن هناك من يجعل رواياته هدفا إعلاميا فقط يتظاهر فيها أمام النخب والعامة وهناك من حاز على جائزة وهو يمارس هذا الدور الترويجي الفج وآخر لايزال يلهث وراء الإعلام ليحوز جائزة. مفهوم المثقف في رأيك أين يقع المثقف السعودي على خارطة الثقافة العربية؟ - المثقف السعودي لا يزال يبني ذاته بذاته وإن كان هناك طريق طويل أمامه إلا أنه سيبدع ويتميز، لكن يجب عليه ألا ينتظر أي دور من مؤسسة أو نادٍ أو ناقد، لأن هذه هي المعوقات الحقيقية للمبدع، فعليه أن يبني تجربته بنفسه وأن يخلص للفن الذي ينتمي إليه. هل تعتقد أن ما يُسمَّى الربيع العربي قد غيّر مفهوم المثقف وأسقط الأقنعة عن بعض المثقفين؟ -أعتقد أن الأمر لا يزال في بداياته ونحتاج إلى زمن أو وقت أكثر لنطلق أحكاماً. أما من حيث المواقف من الربيع «مع» أو «ضد» فإنها أمور حرجة وملتبسة ولا يمكن الحكم عليها في الراهن المنظور. الكتابة الصحفية كيف تقيِّم الأصداء لأعمالك الروائية؟ وهل الكتابة اليومية في الصحافة أثرت سلبيا عليك؟ - لم ألتفت في أي يوم من الأيام الى أن أسوق ذاتي إعلاميا من أجل أن يعرف ما كتبت وإن كانت هناك أصداء أو كتابات حولها فهي اجتهادات من بعض الكتاب والإعلاميين فقط وأنا فخور بها، ولا يعنيني أن غياب النقد وكتاب الطبطبة والمديح أي عمل من أعمالي. أما الكتابة اليومية في الصحافة فإنها عالم آخر يوازي عملي الأدبي أي أن المجتمع والناس بحاجة إلى أن أتفاعل معه وأن أقدم له رأيا يخرج من عمق التجربة حتى وإن كان من قبيل نقد الذات. مَن الناقد الذي يلفت انتباه الروائي عبدالحفيظ الشمري؟ وهل بالفعل لدينا نقاد في المشهد الثقافي؟ -أعتقد أن هذا السؤال - أخي الكريم - مقلوب في مفهومه الاستنطاقي .. فالعكس ربما يكون هو الصحيح. أما هل لدينا نقد فإنني أعتقد أنه موجود ، لكنه دون المأمول ويحتاج إلى تصحيح مسار على نحو محاربة الكتابة النفعية أو النقدية لبعض الموتورين والمرتزقة والمطبلين واللاهثين وراء النقد النسوي والمطبطبين على النوايا والهواجس الضيقة. الصحافة الورقية كيف ترى الصحافة الورقية في ظل التطور الإلكتروني والقنوات الفضائية؟ هل نحن أمام نموذج جديد للإعلام؟ أم أن الصحافة ستبقى؟ وإلى متى؟ - لا خوف من هذه الفرضيات لأن الفكرة ستبقى والخبر سيظل والتقرير سيتواصل فما سيتغير هو الوعاء أو الحيز الذي ستمر خلاله المعلومة .. فمن الأجدى أن تتفاعل هذه الاقنية والأوعية من أجل تنقل الحقيقة والفكرة الواعية بأي شكل وبأي حالة سواء كانت ورقية أو الكترونية. كيف ترى تجربة انتخابات الأندية الأدبية؟ - للأسف تعيسة وهشة وأثبتت غياب العمل الإداري الناجح .. فكيف تدار الأندية الأدبية من قبل موظف عادي لا يمتلك أي معرفة ولا ينتمي إلى أي فن من فنون الأدب والثقافة والإعلام .. فشلها ذريع، وتهالكها واضح وننتظر من معالي وزير الثقافة وضع النقاط على الحروف وإنقاذ ما يمكن إنقاذه. عبدالحفيظ الشمري .. ماذا جنيت من الإعلام والأدب؟ - جنيت أشياء معنوية حينما كنت أمارس العمل الصحفي الاجتماعي وأسهم في حل قضية ما أو إعانة إنسان بحاجة إلى الإعلام فكانت سعادتي لا توصف .. أما وقد انخرطت في العمل الأدبي فإنني من خلال القصة والرواية أسعى إلى كتابة الواقع الإنساني للتاريخ ولمن سيقرأنا بعد الرحيل إن كان هناك من سينصفنا في زمن لا نعلمه. النخبة المزيفة كيف تقرأ الصراعات بين المثقفين والنقاد في موقع التواصل الاجتماعي «تويتر» ؟ - في اعتقادي أنها مجرد فقاعات وتجاذبات آنية وطارئة ستختفي ولا يبقى سوى العمل الأدبي الجاد الذي سيظل المعيار الذي ستحاكمنا الأجيال القادمة من خلاله. هل لدينا مثقفون يطلق عليهم النخبة المزيفة ؟ - نعم .. بكل تأكيد فما عليك إلا أن تشاهد حفلات فندق واحد على هامش معرض الكتاب أو أي ملتقى لتعرف أن من جاء مستجدياً هذه المناسبة ليتظاهر ويدعي أنه من النخبة أو علية قوم الثقافة والأدب، ومن ثم تكتشف زيف المشهد !!