بعد مرور أكثر من عام على الانتفاضة الفلسطينية الثانية وسقوط مئات القتلى من الجانبين المتنازعين فإن شارون لم يستوعب شيئا من دروس هذه الانتفاضة، ويبدو واضحا انه سوف يجهل او يتجاهل تلك الدروس حتى نهاية فترة رئاسته للحكومة الاسرائيلية المتطرفة الحالية أو سقوطه قبل نهاية هذه الفترة. فشارون الخارج من عباءتين احداهما المجازر الفظيعة التي ارتكبها في بيروت وسائر المدن الفلسطينيةالمحتلة والتي قتل فيها من قتل وجرح من جرح واعيق من اعيق والخارج ايضا من عباءة الناخبين المتطرفين الذين مازالوا يصفقون لعملياته الدموية ضد اطفال فلسطين ويدفعونه للمزيد من ارتكاب حماقاته العسكرية ضد العزل من ابناء شعب فلسطين، هذه الشخصية المتعطشة لسفك مزيد من دماء الفلسطينيين والاستيلاء على حقوقهم الثابتة المشروعة ليس لديها مشروع سياسي محدد وواضح لبحثه مع السلطة الفلسطينية. فهم اسرائيل الرئيس تحت مظلة دموية شارون هو تأجيج حالة العنف السائدة على اراضي السلطة الفلسطينية ومدها بعوامل الاستمرارية من جانب، والعمل على اسقاط عرفات واستبداله بآخر يكون مطواعا لاحلامها التوسعية والخضوع لشروطها الاستسلامية من جانب آخر، والامران معا يصبان في قناة واحدة هي الوصول في نهاية المطاف الى تخريب عملية السلام في المنطقة واجهاضها تماما والوصول الى هذه النهاية يتضح جليا من خلال التلاعب بمخططات الانسحاب من مناطق فلسطينية اعيد احتلالها من جديد، والتلاعب ايضا بأهداف الاجتماعات الامنية بين الطرفين، والتلاعب بأي بارقة امل قد تفضي الى اتفاق حاسم لانهاء حالة العنف الدامية على اراضي السلطة الفلسطينية وداخل اسرائيل، وتلك ألاعيب يريد شارون التوصل من خلالها الى كسب مزيد من الوقت للحصول على مكاسب سياسية تتيح له استمرارية عدوانه على شعب فلسطين وقضم البقية الباقية من اراضيه عن طريق التوسع في سياسة الاستيطان ووضع العالم بأسره امام واقع مرفوض وتبدو تلك الألاعيب واضحة من خلال تدمير اسرائيل لمنازل النشطاء الفلسطينيين وقتل من تستطيع الوصول اليه منهم، والامتناع عن الافراج عن المعتقلين لا سيما افراد الامن والكوادر السياسية رغم ان السلطة الفلسطينية ساعية في عملية الاصلاحات الامنية واعادة بناء جهازها الامني وهو امر لا يعني شيئا بالنسبة لشارون المنشغل دائما بوضع العراقيل والعقبات امام مختلف المنافذ التي قد تؤدي الى احتواء العنف والوصول الى حلول نهائية للازمة القائمة.