في ظل الاحتلال الاسرائيلي لأراضي السلطة الفلسطينية فإن من الصعوبة بمكان الاستمرارية في تنفيذ الاصلاحات الدستورية والأمنية والاقتصادية والبدء في عملية الانتخابات، وازاء ذلك فإن سحب قوات الاحتلال الاسرائيلي الى مناطق ماقبل اندلاع الانتفاضة سوف يمهد تلقائيا للانتخابات في أجواء صحية ونزيهة بعيدا عن الضغوط العسكرية الاسرائيلية، والولاياتالمتحدة تدرك صحة هذه الخطوة وسلامتها، وقد حمل الوفد الوزاري الفلسطيني هذا المطلب العقلاني الى الادارة الأمريكية التي يجب عليها أن تمارس ضغطا معينا على اسرائيل يدفعها لسحب قواتها من الأراضي الفلسطينيةالمحتلة، وبحكم ممارسات شارون مراوغاته التخريبية المعهودة فإنه حاول بعد فشله في منع زيارة الوفد الوزاري الفلسطيني الى واشنطون اجهاض مهمته لعجزه المطلق عن اتخاذ أي خطوة من شأنها احراز تقدم نوعي نحو السلام، فشارون لا يملك في الأساس مشروعا سياسيا لطرحه على الفلسطينيين، ولهذا عمد الى اقناع الادارة الأمريكية في وقت متزامن مع تحرك الوفد الوزاري أن الأمل مفقود في التوصل الى سلام مع الفلسطينيين، بما يدفع للقول ان الولاياتالمتحدة مطالبة للحد من موجة التوتر العارمة على أراضي السلطة الفلسطينية والتوصل الى سلام حقيقي بين الطرفين الفلسطيني والاسرائيلي بأن تعيد النظرفي موقفها المتحيز الذي دخل في دائرة الحسابات الاسرائيلية ذات الأبعاد الضيقة تجاه الصراع القائم، وهي حسابات يعلم العالم بأسره أنها قائمة على مسارات سياسية حزبية صرفة ولا علاقة لها من قريب أو بعيد بأية رؤية مستقبلية منطقية وعقلانية بمصالح شعوب المنطقة، وهو أمر خطير لابد أن تدركه الادارة الأمريكية جيدا وهي ترى حليفتها اسرائيل تواصل عملياتها العدوانية ضد شعب فلسطين بشكل يومي، فهي تقتل الأنفس البريئة وتهدم البيوت وتفرض الحصار وتخنق الاقتصاد الفلسطيني وتعتقل من تشاء وتغتال من تشاء بحجة مكافحة الارهاب مع أنها تمارس أمام أنظار العالم ارهاب الدولة، وتدعي بين حين وحين ان عملياتها العسكرية معنية بتحطيم السلطة الفلسطينية الحالية وتدمير تنظيمها المسلح لأنها لا تحظى باعتراف شارون رغم أنها الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، وازاء ذلك فإن اسرائيل ماضية في املاء شروطها التعجيزية في كل لقاء أمني تعقده مع فلسطينيين، بما يؤكد من جديد أنها غير جادة لاتخاذ أي مبادرة من شأنها تهدئة الأوضاع المتوترة على أراضي السلطة، فهي ليست معنية بالتوصل الى أي اتفاق راجح مع الفلسطينيين، وما تسعى اليه من خلال مناداتها بالترتيبات الأمنية المؤقتة هو اكتساب مزيد من الوقت للتهرب من متطلبات السلام ومقتضياته، ومن ثم التهرب من أي تحرك سياسي قد يؤدي الى تسوية حقيقية مع الشعب الفلسطيني وتلك عقبة كأداء لابد من تضافر الجهود الدولية لحلحلتها قبل أن يذهب السلام العادل المنشود في المنطقة أدراج الرياح.