يمثل هذا الكتاب كما يقول اقتصادي عربي بارز هو الدكتور اسماعيل صبري عبدالله.. فتح حقيقي وغير مسبوق في دراسة تطور الفكر الاقتصادي فقد افاد المؤلف من ثقافته الواسعة والمتنوعة وخبرته في مواقع مختلفة ليجعل من هذا المؤلف مرجعا بسيطا وسلسا حتى لغير المتخصصين. في بداية الكتاب الذي يتكون من "22" فصلا وبعنوان "نظرة على الساحة" يسخر المؤلف من محاولة من سبقه في التأليف لتاريخ الاقتصاد اكتشاف افكار اقتصادية لدى القدماء حيث تندر المبادلات وتأخذ شكل المقايضة ولا عائد لرأس المال حيث ادوات الانتاج بدائية ومصنعة محليا. فأنماط الانتاج السابقة على الرأسمالية لم تعرف الظواهر التي نشأ الفكر الاقتصادي لمحاولة تفسيرها او تسويقها او نقدها. ويربط المؤلف بدايات الفكر الاقتصادي وهي عنده النصف الثاني من القرن الخامس عشر بازدهار التجارة في واردات منتجات الشرقية الادنى والاقصى ثم التجارة القارية. وبتطور الرأسمالة تطور شكل واساليب نهب شعوب العالم الثالث وحولت الرأسمالية التحول من الصناعة الحرفية تدريجيا الى مصانع يدوية تعمل بالتقصيم الفني للعمل. ويرى المؤلف في كتابه ان من كتبوا في الاقتصاد ثلاثة لهم مكانة خاصة في الفكر والعلم وهم الفرنسي "ج. ب. ساى" و"دافيد ريكاردو" "وتوماس مالتسى" كما يشير الى دور ألفريد مارشال. والمؤلف الذي استعرض افكار ادم سميث وعالمه الجديد في الفصل السادس وتناول باقي الآراء والاعتراضات عليها في الفصل السابع.. وبعد ان اختتم اقتصاد القرن التاسع عشر وتحدث عن التراث الكلاسيكي العظيم ثلاثة فصول مبتدئا بالطواف حول الاطراف ثم التيار الرئيس ثم الدفاع عن العقيدة.. ويشير الى ان الاقتصاد الكلاسيكي صفة يعتقد ان ماركس اول من اطلقها.. كما يشير الى ان المفكر السويسري سيسموندى سبق ماركس في ابراز مفهوم الطبقات الاجتماعية وتحديد طبقات المجتمع الرأسمالي ويرى المؤلف عبر فصول الهجمة الكبرى والنقود وشخصيتها المستقلة ان معالجة فكر ماركس باعتباره جزءا من تاريخ علم الاقتصاد ينبغي ان يكون متشددا وقاسيا كما يتحدث عن تاريخ النقود ودور البنوك ومعادلة التبادل والانشغال الامريكي القوى بالنقود. ويخصص الكتاب اكثر من فصل للشؤون الامريكية التجارة والاحتكارات والاغنياء الجدد ثم القوة الرئيسية للكساد الكبير ومولد دولة الرفاهة ويحلل بعد ذلك افكار "جون ماينارد كينز" تلك التي دعمتها الحرب. والرسالة الاساسية التي حملها الكتاب المهم هي ان الافكار الاقتصادية غالبا هي نتاج لزمانها ومكانها. والكتاب مصاغ بعناية ومليء بالملاحظات واللقطات الذكية والهامة وكذلك الحقائق المنتقاة وغير المتحيزة ويمكن للجميع قراءته دون ملل.. فالمؤلف اديب وروائي اضافة الى كونه باحث في الاقتصاد. الكتاب: تاريخ الفكر الاقتصادي الماضي صورة الحاضر المؤلف: جون كينيث جالبريث المترجم: احمد فؤاد بلبع تقديم: اسماعيل صبري عبدالله الناشر: عالم المعرفة "المجلس الوطني للثقافة والفنون الكويت" عدد الصفحات: (358) صفحة من القطع الوسط