وُلد إسماعيل الصفوي مؤسس الدولة «الصفوية» التي نشأت وتأسست في إيران في 25 حزيران (يونيو) 1487، ويعد هو القائد الديني والسياسي والعسكري الفعلي الذي استطاع تأسيس الإمبراطورية الصفوية، التي استمرت قروناً. ويقول موقع «ويكيبيديا» إن تاريخ الدولة الصفوية في إيران مثّل منعطفاً مهماً في تاريخها، فبقيامها اتخذت إيران المذهب الشيعي الاثني عشري مذهباً رسمياً بعد أن كانت غالبيتها سنية المذهب حتى عام 900 للهجرة. وكان لهذا التحول المذهبي آثاره البعيدة في تاريخ العالم الإسلامي، ولاسيما تاريخ إيران، والتي لا نزال نشهدها حتى اليوم. كانت الأجواء التي تعيشها إيران في أواخر القرن التاسع الهجري مليئة بالتمزق السياسي وشيوع الفوضى، وهو المناخ الأفضل الذي استغله «الصفويون» لجذب الأنصار، والتطلع إلى قيام دولة تدين بالمذهب الشيعي بحسب الرؤية الصفوية. اليوم وبعد أكثر من 500 سنة من ولادة الإمبراطورية الصفوية، لا تزال إيران تسعى لإعادة حلمها الإمبراطوري، وتكاد تظهر في منطقة الشرق الأوسط إمبراطورية فارسية أخرى باسم «الإمبراطورية السليمانية» نسبة إلى قاسم سليماني القائد العسكري الإيراني الحالي، مستفيدة من أجواء الانقسام والتناحر العربي. قاسم سليماني المولود 1957، هو قائد فيلق القدسالإيراني، وقد وصفت «صحيفة الغارديان البريطانية» في 29 تموز (يوليو) 2011، نفوذ سليماني في العراق بالكبير «لدرجة أن البغداديين يعتقدون بأنه هو الذي يحكم العراق سراً»، بحسب الصحيفة. ويبدو اليوم أن ما قالته «الغارديان» ليس صحيحاً فقط، بل إن سليماني يحكم إضافة إلى بغداد، عاصمة الأُمَويين «دمشق»، ويتحكم في القرار اللبناني من خلال حزب الله، ويستطيع تحريك قوات الحوثي شمال العاصمة اليمنية صنعاء، ولديه القدرة على استخدام إمكانات العاصمة السودانية الخرطوم، ويؤثر في سلاح التنظيمات المسلحة في غزة. إذا فسليماني يحكم عاصمتين عربيتين بشكل مباشر ومطلق، ويؤثر بشدة في ثلاث عواصم عربية أخرى. ما يفعله سليماني اليوم في العالم العربي ليس مفصولاً عن السيولة الشديدة التي تسبغ المشهد العربي منذ عام 2010، ولا عن التفاوض الأميركي-الإيراني من جهة، والتحالف الإيراني مع جماعة الإخوان المسلمون وتركيا من جهة أخرى، والذي نتج منه هذا الاتفاق «المجرم» لتغيير الخرائط والدول في الشرق الأوسط بأكمله. وتقوم استراتيجية سليماني على نفس ما قامت به استراتيجية الإمبراطورية الصفوية سابقاً، وهي نشر المناخات السابقة للحروب، وتقويض الدول، ومن ثم السيطرة عليها وفرض الحكم والمذهب عليها. ففي بغداد عاصمة أبي جعفر المنصور يسيطر سليماني على الحكومة العراقية تماماً، وعلى رغم هذه التبعية البشعة، إلا أن سياسة سليماني تسعى إلى تدمير العراق بأكمله، وتحويله إلى دولة فاشلة لا تنفصل عن النفوذ الإيراني. وفي دمشق تقوم المليشيات العسكرية التابعة لإيران وحزب الله بتنفيذ المعارك العسكرية وفقاً للمنظور والحسابات الإيرانية، كما أن الوزارات، وقادة أفرع الجيش السوري يتلقون الأوامر مباشرة من مكتبه في دمشق. وفي حارة «حريك» جنوب العاصمة اللبنانية بيروت، حيث يقيم السيد حسن نصر الله، ترفع الخطط والأسئلة بشكل يومي للمقام السليماني لأخذ التوجيه والموافقة على أي تحرك سياسي أو عسكري، على أن ينطلق من المصالح الإيرانية أولاً. وفي الخرطوم يقدم البشير وحكومته للحرس الثوري التابع لقاسم سليماني كل التسهيلات المرتبطة بالمجهود الاستخباراتي الإيراني، ولاسيما للسفن والبوارج الإيرانية، ويسمح لها بالرسو في موانئه لتخزين وتهريب السلاح والمال للحوثيين في اليمن، ولجيوب القاعدة في العالم العربي. قاسم سليماني لم يتوج «إمبراطوراً» على العالم العربي بعد، لكن جدران هذا العالم تكاد تتساقط تحت مداميكه، ليس بيده فقط، ولكن بيد جماعات وتنظيمات عربية «سنية»، بينما تقف جماعات عربية «شيعية» ضد مشروعه التوسعي في مفارقة عجيبة. فهل سيأتي اليوم الذي يجد فيه «قطعان» المؤيدين للمشروع الأميركي-الإخواني-الإيراني في المنطقة، وقد تحول أبناؤهم للمذهب «الصفوي»، وأصبحوا رعايا للإمبراطور قاسم سليماني؟ رابط الخبر بصحيفة الوئام: حتى لا نكون رعايا للإمبراطور قاسم سليماني