بين التحجج بظروفهم التي منعتهم من حضور أول جمعية عمومية لنادي الطائف الأدبي والتلميح بأن الأندية الأدبية لم تعد بيئة جاذبة للمثقفين والأدباء واتهام لائحة الأندية الأدبية ووصفها بالمخيبة للآمال؛ جاءت إجابة عدد من المثقفين والأدباء في الطائف على تساؤلات "الوطن" حول سر غيابهم عن أول جمعية عمومية يعقدها النادي مما أدى إلى تأجيلها بسبب عدم اكتمال النصاب. وجدد المثقفون والأدباء الذين تحدثت "الوطن" إليهم اتهامهم للائحة الأندية الأدبية بأنها وراء ما تشهده الجمعيات العمومية في الأندية الأدبية من عزوف، ملمحين بأن ما يحدث اليوم من عزوف عن اجتماعات الأندية الأدبية وتأجيل لها بسبب عدم اكتمال النصاب إنما هو ردة فعل على ما أفرزته تلك اللائحة من تصدر أسماء غير متوقعة لمجالس الأندية الأدبية. وفي حين فضل بعض المثقفين عدم الحديث في الموضوع بدءا من رئيس مجلس إدارة نادي الطائف الأدبي السابق حماد السالمي الذي قال "أنا منسلخ من الجمعية والنادي فاعفني من الحديث"، لم يكن بقية الأعضاء صريحين في الإجابة مباشرة عن سر تغيبهم عن أول جمعية عمومية لنادي الطائف الأدبي إلا أنهم ألمحو إلى أن هناك عدة أسباب جعلت من عزوف المثقفين عن الجمعيات العمومية أمرا حتميا. يقول عضو الجمعية العمومية بنادي الطائف الأدبي القاص ضيف فهد "العزوف عن الجمعيات العمومية ليس بدعا؛ وإنما هو امتداد للعزوف عن أنشطة الأندية الأدبية العامة طوال العام، حيث إن الأندية لم تعد المكان الممتع للمثقف أو المتلقي العادي وذلك بسبب قصور الأندية في تقديم ما يجذب المثقفين، وبين أن غياب أعضاء الجمعية العمومية عن اجتماعاتها يأتي لكون صوت العضو لم يعد مؤثرا، إضافة إلى أن بعض الأعضاء جاء من خارج الوسط الثقافي لمهمة خاصة وانتهت بمجرد ترشيح من أتى من أجل ترشيحه". وبين أن الخلل في لائحة الأندية الأدبية التي جعلت المؤهل بطاقة عبور لعضوية الجمعية العمومية وعضوية مجلس الإدارة، مشيرا إلى أنه يتوقع أن ينسحب أعضاء الجمعيات العمومية مع نهاية اشتراك عضويتهم ولن يجدد منهم أحد طالما أنه لا يعنيه شيء. أما عضو الجمعية العمومية بنادي الطائف الأدبي منى شداد المالكي فكانت الأكثر صراحة في الاعتراف بمقاطعة الجمعية العمومية بسبب عدة أمور منها أن لائحة الأندية الأدبية كانت مخيبة للآمال، والأندية لم تعد المكان الذي يحقق طموح المثقف. وبينت أن المثقف الحقيقي المهموم بالفعل الثقافي فضل أن يشتغل على مشروعه الثقافي بنفسه لأن الجمعيات العمومية تتصدرها أسماء لم تكن تعرف للنادي طريقا، ومجالس الإدارة وصل إليها من ليس لهم رؤى ثقافية وهذه كارثة على حد قولها. وتمنت المالكي من وزارة الثقافة الاستفادة من تجربة الانتخابات وهي تجربة جميلة ومعالجة ثغراتها لكي تكون منصفة للمثقفين. وتوقعت أن تحل الجمعيات العمومية بمجرد انتهاء اشتراك العام الأول طالما أنها هكذا ابتداء، حيث إن من أتى بالفزعة لن يستمر في دفع العضوية طوال فترة المجالس الأدبية. وذكر الأديب عبدالرحمن بن معمر أن غيابه عن الجمعية العمومية مبرر بسبب ظروف سفره العلاجية، لكنه في الوقت ذاته أكد أن الاختلاف من طبيعة البشر وهو سنة كونية وموجود في المذاهب والمدارس الأدبية منذ القدم، مستشهدا بالاختلاف بين العقاد وطه حسين والزهاوي والرصافي، مشيرا إلى أنه ليس غريبا على الأوساط الثقافية اليوم أن يكون هناك خلاف بين من ينتمي إليها. وبين أن العزوف عن الجمعيات العمومية حالة عامة في كل الأندية الأدبية نتيجة هذا الاختلاف، مشيرا إلى أن نادي الطائف الأدبي كبقية الأندية ولو اكتمل نصابه وانعقدت جمعيته لكان حالة شاذة. أما عضو الجمعية الدكتور فهد الحارثي فعلق على العزوف عن الجمعيات العمومية في الأندية الأدبية بوجود مساحة شاسعة خلقت نوعا من العدوانية بين جيل المثقفين والأدباء القدامى الذين تصدروا مجالس الأندية الأدبية عقودا من الزمن والجيل الجديد الذي جلبته الانتخابات لمجالس الأندية الأدبية، مشيرا إلى أن أدباء الجيل القديم يرون أنهم أسماء ذات مكانة خاصة وأنهم فقدوا وزنهم في المعادلة ومكانتهم الثقافية، بينما يرى الجيل الجديد أن أولئك من الجيل القديم الذي لم يعد قادرا على مسايرة الواقع وحان لهم أن يتركوا المجال لغيرهم، مشيرا إلى أن المشكلة تكمن في عدم وجود نقطة التقاء بين الجيلين وعدم القدرة على قبول الآخرين. وقال الحارثي نحن في أمس الحاجة إلى الإنسان المبدع الذي يفرض نفسه بوجوده الثقافي والأدبي لا بشكله، مشيرا إلى أن الفيصل في ذلك هو الإنتاج الأدبي للمثقف. وعن لائحة الأندية الأدبية أشار إلى أن اللائحة ليست إلا محددات للعمل وأطر واضحة تمنع الاجتهاد لكنها ينبغي أن تكون قابلة للتطوير والتجديد.