يواصل "الغبار" جولته على مناطق المملكة لليوم الثالث على التوالي، محولاً السماء إلى اللون "البرتقالي" الذي تسبب في بعض الحوادث في تبوك بسبب تدني الرؤية، واستنفر مستشفيات نجرانوالطائف مع تزايد حالات مرضى الربو والحساسية، إضافة إلى توقف الملاحة الجوية في منطقة نجران. وعلى الجانب الآخر، ساهمت موجة الغبار في ارتفاع مبيعات العقاقير المضادة للحساسية والأمراض التنفسية والبخاخات المساعدة على التنفس بصيدليات جدة، وهو الأمر الذي قابلته "الصحة" بالتحذير. وأشار الصيدلي خالد عبدالله إلى أن هناك إقبالا ملحوظا من المستهلكين على شراء أدوية الحساسية كبندول كولد اند فلو، والفلوتاب، وفيتامين C، وبخاخ الفنتيولين، وأن أغلب المشترين من البالغين، مؤكدا زيادة الإقبال على شراء الكمامات الواقية من الأتربة، مما دفع أصحاب الصيدليات إلى زيادة الطلب من الموردين لتوفير هذه الأنواع في كافة الصيدليات، للتخفيف من أعراض الزكام والتحسس من الأتربة العالقة في الجو. من جهته، حذر مدير الشؤون الصحية في جدة الدكتور سامي باداوود من لجوء المواطنين لأخذ الأدوية الخاصة بالحساسية كعقاقير الزكام والحساسية والبخاخات، مشددا على أهمية عدم الخلط بين أعراض الزكام والحساسية. وأشار إلى أن الأطفال عندما يتعرضون للأتربة والغبار يصابون بسيلان الأنف والرشح والكحة والبلغم، وقد يؤدي ذلك إلى إعطائهم أدوية الزكام، وهذا أمر خطير حيث لابد من معرفة أن الأعراض التي تصاحب الأطفال أعراض تحسس من الغبار، ولابد من مراجعة المستشفيات والمراكز الصحية التي تستقبل الحالات على مدار 24 ساعة. وشدد باداوود على أهمية حماية العينين خاصة للبالغين، وذلك بارتداء نظارات الوقاية من الشمس، والمحافظة على غسل الوجه والاستنشاق حتى يحافظ الشخص على مجرى التنفس من الأتربة العالقة في الأنف. وأكد أهمية البقاء في المنازل وعدم الخروج إلا للضرورة حفاظا على الصحة. إلى ذلك، قال استشاري الأمراض الصدرية واضطرابات النّوم، والمشرف على مركز اضطرابات النّوم بمدينة الملك عبد العزيز الطبية بجدة الدكتور أيمن بدر كريّم إن التعرض للغبار الكثيف الذي تشهده أجواء مدينة جدة، له عدد من المضاعفات الخطيرة، فقد يتسبب في حدوث معاناة من اضطرابات النوم بشكل حاد، كالأرق، وتقطع النوم، والشخير وانقطاع التنفس أثناء النوم، نتيجة زيادة إفرازات الأنف واحتقان الحلق والجيوب الأنفية والسعال المتكرر، مما قد يسبب تعكّر المزاج والخمول والنعاس أثناء ساعات النهار، وسهولة الإصابة بالزكام أو الإنفلونزا. ونصح مرضى الربو الشُّعَبي، وفرط حساسية الأنف والجيوب الأنفية، عند بوادر الطقس السيئ أو المواسم المعروفة بارتباطها بتهيج الحساسية، بتجنب التعرض لتغيرات الطقس الحادة بقدر الإمكان، والامتناع عن التدخين، ولبس الكمامات الواقية، ومتابعة التقارير الجوية المحلية للتعرف على كثافة التلوث الهوائي ونسبة الغبار. وحذر كريم من أخذ بخاخ (الفنتيولين) وأدوية مضادات الحساسية والاحتقان من الصيدليات دون استشارة طبية، خاصة لدى تكرر الأعراض وتفاقمها، حيث يمكن لهذه الأدوية إعطاء راحة مؤقتة، وإخفاء حدة الالتهابات الشديدة في الشعب الهوائية، مما قد يؤخر العرض على الطبيب المختص والعلاج المناسب بشكل مكثّف ويرفع من نسبة المضاعفات. وفي المدينةالمنورة، تسببت موجة الغبار، أمس، في تغيير وجهة الزوار السياحية من مواقع المدينة الأثرية المختلفة إلى معرض الزهور الذي يقام حالياً بحديقة الملك فهد المركزية، ليجدوا في الزهور متنفساً لهم. وأوضح مدير الإدارة العامة للحدائق والتجميل في الأمانة المهندس حمزة خوش أن 7 آلاف زائر حضروا مهرجان الزهور من خارج المملكة، مبينا أنهم يعملون على استقطاب الزوار والمعتمرين المتواجدين في المدينةالمنورة خلال هذه الأيام، مشيرا لارتفاع نسبة المبيعات اليومية لأكثر من 65% مما يدل على الأثر الإيجابي للمهرجان على المدينة. كما تسبب الغبار في زيادة أعداد المراجعين لأقسام الطوارئ بمستشفيات الطائف، حيث استقبلت أكثر من 920 حالة تعاني من أمراض الصدر والحساسية خلال 48 ساعة الماضية، معظمهم من الأطفال. وأوضح الناطق الإعلامي للشؤون الصحية بالطائف سراج الحميدان ل"الوطن" أن مستشفى الأطفال استقبل ما يزيد على 800 حالة، بينما استقبل طوارئ مستشفى الصدرية أكثر من 123 حالة، نافيا وجود أي إصابات بليغة بين المواطنين والمقيمين. وأكد توفير الشؤون الصحية للأدوية والبخاخات اللازمة لمثل هذه الحالات الخاصة بالأجواء الترابية التي تؤثر على مرضى الربو والحساسية الصدرية والشعب الهوائية، مشيرا إلى أن العمليات المشتركة مع القطاعات الحكومية الأخرى أثبتت نجاحا كبير في التواصل مع القطاع الصحي والتعرف على المتغيرات التي تحدث على مدار الساعة، لافتا إلى بث رسائل توعوية عن كيفية التعامل مع مرض الربو في ظل موجة الغبار التي شهدها المحافظة. وشهدت منطقة نجران، خلال الأيام الثلاثة الماضية، مراجعة نحو 1100 حالة من مرضى الربو والالتهابات التنفسية من الأطفال وكبار السن لمستشفيات المنطقة، بسبب موجة الغبار التي شلت حركة الملاحة الجوية، فيما أثرت على سير الرحلات القادمة والمغادرة من وإلى مطار نجران. وأوضح الناطق الإعلامي لصحة نجران خالد آل بلابل ل"الوطن" أمس، أن عدد الحالات التي استقبلتها مستشفيات المنطقة بلغ 1100 حالة نتيجة التأثيرات الصحية للغبار العالق في الغلاف الجوي، ونصح آل بلابل مرضى الربو والأمراض التنفسية بضرورة المكوث في المنازل وإحكام إغلاق الأبواب والنوافذ واستخدام الكمامات الطبية وأجهز التنفس الصناعية لمواجهة تقلبات الطقس. من جهته، بين مدير الخطوط السعودية بمنطقة نجران حسين حرفش أمس، أنه تم تأجيل الرحلات القادمة والمغادرة من وإلى مطار نجران نتيجة موجة الغبار الكثيفة التي اجتاحت المنطقة، وأشار إلى أن الملاحة الجوية ستعاود عملها بعد أن تتحسن الأحوال الجوية تدريجيا. فيما أشار مدير مرور المنطقة العقيد علي آل هطيلة، إلى أن إدارة المرور اتخذت الإجراءات المناسبة لمثل هذه الأجواء، حيث تم تمركز عدد من سيارات المرور عند الإشارات وتقاطعات الطرق وتم عمل نقطتي مرور على طريق الملك عبدالله والملك عبدالعزيز للحد من السرعة وتوعية السائقين بالظروف الجوية، داعياً السائقين لتوخي الحذر في مثل هذه الأجواء. من جانبه، حمل مدير إدارة التربية والتعليم في بيشة سعيد بن فرحة آل عثمان، مسؤولية تأخير إعلان تعليق الدراسة ليوم أمس، بسبب الغبار، هيئة الأرصاد وحماية البيئة، مشيراً إلى أنها أوضحت أن مستوى الإنذار قبل إعلان التعليق 3 درجات والتعليق لا يأتي إلا في حالة كان المستوى 5 درجات، مبينة أن الإنذار سينتهي الساعة الحادية عشرة مساء، لكن لم ينته الإنذار حينها بل جددت الإنذار وقتها، مما اضطرنا لتعليق الدراسة بعد ذلك. وأضاف، وبالتنسيق بيننا وبين المشرف على فرع جامعة الملك خالد في بيشة، وحرصا على سلامة طلاب وطالبات التعليم العالي من خارج المحافظة والمعلمين والمعلمات خارج المحافظة اتخذنا هذا الإجراء. فيما أكد المشرف العام على فرع جامعة الملك خالد الدكتور مهدي القرني، أن الظروف الجوية هي ظروف استثنائية والتأخير كان لتحري الدقة في مؤشرات هيئة الأرصاد وحماية البيئة والتنسيق مع التربية والتعليم في بيشة. وكان تأخير تعليق الدراسة لكليات ومدارس بيشة أدى إلى استياء وتذمر عدد كبير من الطلاب والطالبات ومنسوبي القطاعين. وأبدى عدد من طالبات كلية التربية للبنات في بيشة من أهالي محافظة تثليث "تحتفظ الوطن بأسمائهن" انزعاجهن من هذا التأجيل، حيث قد بدأن بالتحضير للدراسة يوم أمس، رغم أن الأجواء لم تكن مهيأة ليتفاجأن في الساعة الحادية عشرة بقرار التعليق، مشيرات إلى أن هذا الأمر سبب إرباكا لهن ليلجأن لاستخدام رسائل الجوال فيما بينهن للتبليغ بالقرار. إلى ذلك، شهدت محافظة ظهران الجنوب أمس تراجعا في كثافة موجة الغبار التي خيمت عليها خلال اليومين الماضيين وتسببت في تعليق الدراسة في مدارس التعليم العام للبنين والبنات، فيما أغلق معظم محلات بيع المواد الغذائية والمطاعم في المحافظة نتيجة تضررها من عاصفة الغبار والأتربة. وتسببت الازدواجية في اتخاذ قرار تعليق الدراسة بين الإدارة العامة للتربية والتعليم بعسير وإدارة تعليم سراة عبيدة، في ارتباك بين أولياء أمور الطلاب والطالبات، إذ أكد مدير مندوبية تعليم البنات بظهران الجنوب خليل جبران القحطاني، تعليق الدراسة في مدارس البنات، وجرى إشعار مديرة مكتب التربية والتعليم ومديرات المدارس، فيما انتظر مديرو مدارس البنين حتى صباح اليوم التالي عندما تناقلت هواتفهم النقالة رسالة مفادها تعليق الدراسة. أما في تبوك، فقد تسبب الغبار، أمس، في تدني الرؤية الأفقية لأقل من كيلو متر واحد، مخلفاً 3 حوادث مرورية، بحسب إدارة المرور الذي طالب مديرها العقيد محمد النجار قائدي المركبات بضرورة توخي الحذر والسير بموجب مقتضيات السلامة المرورية في هذه الأجواء المتقلبة. وكان أخطر هذه الحوادث انقلاب سيارة من نوع "جي ام سي" على الطريق المؤدي إلى مدخل تبوك، طريق "الجامعة" إثر ارتطامها بسيارة صغيرة أمامها، مما أحدث إصابات متفرقة في ركاب السيارتين، نقلوا على إثرها إلى مستشفى الملك خالد.