رزقت "أم عامر" التي تجاوزت سن الأربعين بسنوات بطفلة جميلة أشاعت الفرحة في منزل العائلة، وأعادت الثقة للأم بأنها ما تزال قادرة على الإنجاب، ولكن هذه الفرحة سرعان ما تلاشت، بسبب الخجل، حيث تقول: "عندما حضر المهنئون إليّ في المستشفى ومن بينهم بناتي وأبنائي وأحفادي لاحظت الاستغراب الذي ارتسم على وجوههم، وكأن لسان حالهم يقول .. كيف أنجب وأنا في هذه السن، مما أشعرني بالخجل الشديد، وقلل ذلك من فرحتي، وحاولت جاهدة أن أخفي هذا الشعور عن زوجي حتى لا أبدد شعوره بالفرحة الطاغية بعد سماعه للخبر". والمتعارف عليه طبيا أن المرأة تكون في كامل صحتها الإنجابية دون سن الثلاثين، مما يمكنها من الاطمئنان على مراحل الحمل، وبالتالي صحة الجنين الذي تحمله، ووضعه دونما مضاعفات صحية، إلا أن بعض النساء شاء الله أن ينجبن بعد سن الأربعين، بعد أن كبر أبناؤهن، ووصلوا إلى سن الزواج، حتى إن بعض الأمهات يحملن في نفس الوقت الذي تحمل فيه بناتهن، فيكون حمل الأم والابنة مصدرا للحرج في نطاق الأسرة. "أم يزيد" أخفت حملها طيلة الأشهر التسعة خجلا من أبنائها من جهة، وخوفا من العين والحسد من جهة أخرى، حيث تقول: "عندما أخبرتني الطبيبة بأنني حامل تساءلت باستغراب كيف يكون ذلك وأنا امرأة كبيرة في السن، وما إن وصلت إلى البيت حتى أخبرت زوجي بهذا الأمر، وفرح فرحا شديدا، وقرر بسرعة الاحتفال بهذا الخبر، ودعاني إلى تناول وجبة عشاء خارج المنزل دون أن يشعر أحدا بذهابنا". وتضيف "طيلة أشهر الحمل وأنا أخفي حملي لأمرين، الأول خوفا من الحسد، والثاني خجلا من أبنائي الكبار الذين يستغربون لهذا الأمر".وعن كيفية معرفة أبنائها لهذا الأمر تقول: "شاءت الأقدار أن أضع حملي مع ابنتي في نفس الأسبوع، وأصبح الأمر مخجلا للغاية، كوني لم أخبر أحدا عن حملي، ولكن كما يقول التعبير الشعبي "الشمس لا تغطى بغربال"، فالمهنئات كن يحضرن إلى ذات المكان لتهنئة البنت ووالدتها بالمولودين الجديدين". وعن صحة المولود تقول "الحمد لله رزقت بولد ملأ البيت بالفرح، وهو الآن في الثانية من العمر، وهو مؤنسنا في وحدتنا أنا وزوجي بعد زواج الأبناء". أما "أم عبدالله" فقد فوجئت بحملها بعد سن الأربعين، فأوكلت مهمة تربية الصغير إلى أخته الكبرى المتزوجة لكي تتفرغ لمتابعة الحمل الجديد، تقول: "لم يكن حملي يخطر لي على بال، فحالتي الصحية لم تكن تسمح لي بالحمل والإنجاب، وأنا أعلم بالمضاعفات التي يمكن أن تحدث للمرأة أثناء حملها بعد سن الأربعين، ولكنها الأقدار". وتتابع: "عندما أنجبت طفلتي الصغيرة لا أنكر أنني شعرت أنا وزوجي بفرحة كبيرة، ولكن ما هي إلا أشهر حتى شعرت بالتعب الشديد، وأدركت أنني لا أستطيع الاعتناء بالطفلة، مما دعاني لأن أستنجد بابنتي الكبرى لتربيتها، وها هي طفلتي تعيش مع أختها، وتظن أنها أمها وتناديني بجدتي". وحول هذا الموضوع تقول أخصائية النساء والولادة عبير حلمي إن "الحمل بعد سن الأربعين قد يسبب المضاعفات الصحية للأم والجنين، لذا على الأم مراجعة الاختصاصية بصفة دورية للاطمئنان على حملها". وأضافت أن "المشاكل الصحية التي قد تتعرض لها الأم في هذا السن كثيرة، ومنها ارتفاع ضغط الدم والسكر، وكبر حجم الجنين، وعلى الأم أن تقوم بتناول الأدوية اللازمة والفيتامينات خلال أشهر الحمل، خاصة حمض الفوليك الذي يقي بإذن الله من الكثير من الإشكاليات الصحية". من جانبها أكدت الأخصائية النفسية الجازي ندر الشراري: "أن فرحة كبار السن بإنجاب طفل بعد سن الأربعين أو الخمسين تأتي من كونهم يستعيدون الثقة بأنفسهم، وأنهم ما زالوا قادرين على العطاء، خاصة المرأة التي يعتبر الإنجاب لديها في نظر زوجها ميزة ودليلا على الصحة النفسية والجسدية". وأضافت أن دراسة أجريت حول هذا الموضوع تناولت مشاعر الأبوة والأمومة بينت أن الشعور الأقصى للفرح والسعادة يكون بين الأزواج الذين تجاوزوا العقد الرابع من العمر.