أطلق رئيس الهيئة العامة للسياحة والآثار الأمير سلطان بن سلمان أمس الحملة الوطنية لتعزيز البعد الحضاري في متحف المصمك التاريخي بالرياض. وأكد في مؤتمر صحفي عقب إطلاق الحملة أن البعد الحضاري للمملكة لا يمكن أن يكون حبيس حفر الآثار أو الأماكن المتهدمة، ولا يمكن أن يكون غائبا عن اهتمام المواطن السعودي، فهو يشكل قيمة مضافة لوحدتنا الوطنية. وأشار إلى أنه لا بد من إخراج مواقع التراث العمراني من بطون الكتب والمطويات إلى أن تصبح تاريخا معاشا, وأن يكون المواطن قريبا من تاريخ بلاده. وقال "نسعد في هذا اليوم بإطلاق هذه الحملة التي تتزامن مع الحراك الكبير من الدولة والمواطنين في استعادة الوعي بأهمية التراث الوطني وإطلاق النشاط الكبير في إبراز بعد المملكة الحضاري، ونحن نعمل اليوم بتكليف ونظرة بعيدة المدى بقيادة سيدي خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبد العزيز يحفظه الله وسمو سيدي ولي عهده الأمين، بأن ينظر لهذا البعد الحضاري كأحد أهم سمات هذه الدولة المباركة, سمة البعد الحضاري سواء البارز في تراثها اللامادي أو تراثها المادي المتمثل في الآثار والتراث العمراني والمواقع الأثرية والتراثية والأعمال الحرفية وغيرها". وأضاف "اليوم ننطلق في عملية تحول الوعي نحو التراث الوطني, وما يحمله من قيمة حضارية وتاريخية ووطنية لبلاد يقع على أرضها كثير من الحضارات التي جاء الإسلام ليعززها ويستفيد منها, وما زادنا الاتصال بالثقافات الأخرى إلا يقينا بقيمنا وعقيدتنا, فالمملكة اليوم هي دولة ذات مكانة كبيرة أولا بما أكرمها الله كمهد للرسالة الإسلامية ومنطلقها، التي عمت العالم بالخير. والمملكة أيضا ذات مكانة سياسية واقتصادية عالية بين دول العالم بحكمة قيادة هذه الدولة وإدارتها للاقتصاد الوطني. وهذه الدولة ثبتت طوال التاريخ ويعتز أهلها بأنها كانت مهد الحضارات والتقاطعات التاريخية والسياسية والاقتصادية وما زالت إلى اليوم بلادنا هي موقع التقاطع لهذه النشاطات الإنسانية الكبيرة التي يمر بها العالم. وحملة البعد الحضاري التي تنفذها الهيئة برعاية كريمة من خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين جاءت لتضيف إلى الأبعاد الدينية والسياسية والاقتصادية بعدا جديدا هو البعد الحضاري. وتابع الأمير سلطان: "اليوم بلادنا مقبلة على دور عظيم تلعبه في مستقبل الإنسانية، ونحن نعيش اليوم في حقل البراكين التي تحيط بنا, وعندما ننطلق اليوم في البعد الحضاري فنحن ننطلق من خلفية تاريخية أن هذه الجزيرة العربية وسكانها كان قدرهم دائما أن يكونوا في وسط الحدث". وأكد أن حملة البعد الحضاري ليست حملة للعناية بالتراث الوطني أو زيارة المواقع الأثرية والتراثية فقط بل نريد أن يكون للمواطن التصاق بآثاره وحضارة بلاده ويعتز بها, مضيفا أن مجرد التشكيك أو التخويف من فتح المواقع هي نظرة عفا عليها الزمن, فثقتنا بالمواطن السعودي اليوم ثقة مطلقة بأن هذه الدولة هي دولة الإسلام وبنيت على الإسلام وستستمر على الإسلام وفي نفس الوقت هي دولة الحضارات، ونحن نعتز اليوم برعاية هذه الدولة المباركة للتراث الوطني, وسيدي خادم الحرمين الشريفين هو الراعي الأول لهذا التراث العظيم وتبنى إطلاقه في عدد من المسارات التي اخترقت الزمن في إبراز البعد الحضاري وربطه بقرارات الدولة ومنطلقاتها, وجاء الوقت لأن يبرز وينطلق عبر منظومة من المشاريع والمبادرات التوعوية والإعلامية والبرامج الموجهة مع وزارة التربية والتعليم والجامعات ووزارة الثقافة والإعلام ودارة الملك عبدالعزيز وغيرها من الشركاء. من ناحيته، قال نائب رئيس الهيئة للآثار والمتاحف الدكتور علي الغبان إن الحملة الوطنية لتعزيز البعد الحضاري تتضمن عدداً من البرامج والمشروعات التي تستهدف كافة شرائح المجتمع وفئاته العمرية. وأضاف أن هناك برامج موجهة إلى المؤسسات التعليمية، وبرامج موجهة إلى المجتمع المحلي، ومنها مشروع تعزيز البعد الحضاري في مناهج التعليم، كما يجري العمل حالياً ضمن برنامج التربية السياحية المدرسية (ابتسم) على تمرير بعض الرسائل التعريفية والتوعوية حول البعد الحضاري للمملكة، وكذلك مشروع إنتاج أفلام كرتونية لتعريف الأطفال بمكونات حضارة بلادهم، ومشروع قافلة البعد الحضاري التي ستطوف أرجاء المملكة للتعريف بما تختزنه أرض المملكة من إرث حضاري عميق، ومسابقات المعلومات والرسم والتلوين للمعالم التراثية والأثرية، وتنفيذ ورش العمل المتحفية في المتاحف، وزيارات الطلاب الميدانية للمواقع. وأوضح الغبان أن الحملة ستتضمن برامج ومشروعات تستهدف التوعية والتعريف للمجتمع المحلي والشركاء، ومنها إقامة ملتقى البعد الحضاري في كافة مناطق المملكة وبرعاية أمراء المناطق، حيث ستحتضن الجامعات السعودية ذلك الملتقى، إضافة إلى إنتاج الأفلام الوثائقية عن المواقع الأثرية والتراثية، والمطبوعات العلمية، والكتيبات التعريفية بمواقع التراث الثقافي، وإقامة الملتقيات السنوية المتخصصة وعدد من الأنشطة والفعاليات الثقافية بالشراكة مع الأندية الأدبية في مختلف مناطق المملكة.