أطلق صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان بن عبدالعزيز رئيس الهيئة العامة للسياحة والآثار في الرياض الإثنين 5 ديسمبر 2011 الحملة الوطنية لتعزيز البعد الحضاري في متحف المصمك التاريخي . وأكد سموه في مؤتمر صحفي عقب إطلاق الحملة أن البعد الحضاري للمملكة لا يمكن أن يكون حبيس حفر الآثار أو الأماكن المتهدمة, ولا يمكن أن يكون غائبا عن اهتمام المواطن السعودي فهو يشكل قيمة مضافة لوحدتنا الوطنية , مشيرا إلى أن مواقع التراث العمراني لا بد من إخراجها من بطون الكتب ومن المطويات إلى أن يصبح تاريخا معاشا, ولا بد أن يكون المواطن قريباً من تاريخ بلاده ويتعايش مع الوحدة الوطنية المباركة وكيف اجتمع الناس عليها . وقال: "نسعد في هذا اليوم بإطلاق هذه الحملة التي تتزامن مع الحراك الكبير من الدولة والمواطنين في استعادة الوعي بأهمية التراث الوطني وإطلاق النشاط الكبير في إبراز بعد المملكة الحضاري، ونحن نعمل اليوم بتكليف ونظرة بعيدة المدى بقيادة سيدي خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود وسمو ولي عهده الأمين حفظهما الله ،بأن ينظر لهذا البعد الحضاري للمملكة كأحد أهم سمات هذه الدولة المباركة, سمة البعد الحضاري سواء البارز في تراثها اللامادي أو تراثها المادي المتمثل في الآثار والتراث العمراني والمواقع الأثرية والتراثية و الأعمال الحرفية وغيرها". وأضاف: "اليوم ننطلق في عملية تحول الوعي نحو التراث الوطني , وما يحمله من قيمة حضارية وتاريخية ووطنية لبلاد تقع على أرضها كثير من الحضارات التي جاء الإسلام ليعززها ويستفيد منها, وما زادنا الاتصال بالثقافات الأخرى إلا يقينا بقيمنا وعقيدتنا, فالمملكة اليوم هي دولة ذات مكانة كبيرة أولا بما أكرمها الله بأنها مهد الرسالة الإسلامية ومنطلقها التي عمت العالم بالخير، والمملكة أيضا ذات مكانة سياسية واقتصادية عالية بين دول العالم بحكمة قيادة هذه الدولة وإدارتها للاقتصاد الوطني, وهذه الدولة ثبتت طوال التاريخ ويعتز أهلها بأنها كانت مهد الحضارات والتقاطعات والتاريخية والسياسية والاقتصادية ولا زالت إلى اليوم بلادنا هي موقع التقاطع لهذه النشاطات الإنسانية الكبيرة التي تمر بها العالم, وحملة البعد الحضاري التي تنفذها الهيئة برعاية كريمة من خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين جاءت لتضيف إلى الأبعاد الدينية والسياسية والاقتصادية بعدا جديدا هو البعد الحضاري". وتابع الأمير سلطان: "اليوم بلادنا مقبلة على دور عظيم تلعبه في مستقبل الإنسانية، ونحن نعيش اليوم في حقل البراكين التي تحيط بنا, وعندما ننطلق اليوم في البعد الحضاري فنحن ننطلق من خلفية تاريخية أن هذه الجزيرة العربية وسكانها كان قدرهم دائما أن يكونوا في وسط الحدث". وأكد سموه أن حملة البعد الحضاري هي ليست حملة للعناية بالتراث الوطني أو زيارة المواقع الأثرية والتراثية فقط بل أن للمواطن التصاق بآثاره وحضارة بلاده ويعتز بها, وقال: "مجرد التشكيك أو التخويف من فتح المواقع هي نظرة قد عفا عليها الزمن, فثقتنا بالمواطن السعودي اليوم ثقة مطلقة بأن هذه الدولة هي دولة الإسلام وبنيت على الإسلام وستستمر على الإسلام وفي نفس الوقت هي دولة الحضارات ونحن نعتز اليوم برعاية هذه الدولة المباركة للتراث الوطني, وخادم الحرمين الشريفين هو الراعي الأول لهذا التراث العظيم وتبنى إطلاقه يحفظه الله في عدد من المسارات التي اخترقت الزمن في إبراز البعد الحضاري وربطه بقرارات الدولة ومنطلقاتها, وجاء الوقت لأن يبرز وينطلق عبر منظومة من المشروعات والمبادرات التوعوية والإعلامية والبرامج الموجهة مع وزارة التربية والتعليم والجامعات ومع وزارة الثقافة والإعلام ودارة الملك عبدالعزيز وغيرها من الشركاء. من جهته أوضح نائب رئيس الهيئة للآثار والمتاحف الدكتور علي الغبان أن الحملة الوطنية لتعزيز البعد الحضاري تتضمن عدداً من البرامج والمشروعات التي تستهدف جميع شرائح المجتمع وفئاته العمرية. وأضاف أن هناك برامج موجهة إلى المؤسسات التعليمية، وبرامج موجهة إلى المجتمع المحلي، ومنها مشروع تعزيز البعد الحضاري في مناهج التعليم، كما يجري العمل حالياً ضمن برنامج التربية السياحية المدرسية (ابتسم) على تمرير بعض الرسائل التعريفية والتوعوية حول البعد الحضاري للمملكة، وكذلك مشروع إنتاج أفلام كرتونية لتعريف الأطفال بمكونات حضارة بلادهم، ومشروع قافلة البعد الحضاري التي ستطوف أرجاء المملكة للتعريف بما تختزنه أرض المملكة من إرث حضاري عميق، ومسابقات المعلومات والرسم والتلوين للمعالم التراثية والأثرية، وتنفيذ ورش العمل المتحفية في المتاحف، وتنظيم زيارات الطلاب الميدانية للمواقع. وبين الغبان أن الحملة ستتضمن برامج ومشروعات تستهدف التوعية والتعريف للمجتمع المحلي والشركاء، ومنها إقامة ملتقى البعد الحضاري في جميع مناطق المملكة وبرعاية أمراء المناطق، حيث ستحتضن الجامعات السعودية ذلك الملتقى بما يحويه من أنشطة وفعاليات متعددة كالمحاضرات، وورش العمل، والمعارض، بالإضافة إلى إنتاج الأفلام الوثائقية عن المواقع الأثرية والتراثية، والمطبوعات العلمية، والكتيبات التعريفية بمواقع التراث الثقافي، وإقامة الملتقيات السنوية المتخصصة ومنها ملتقى التراث العمراني، وملتقى أصحاب المتاحف الخاصة، وكذلك إقامة عدد من الأنشطة والفعاليات الثقافية بالشراكة مع الأندية الأدبية في مختلف مناطق المملكة.