لم تكن تتوقع أم سلطان أن تدور بها الأيام بعد إصابة ابنها 12 عاماً بإعاقة جسدية، وأن تعمل خادمة لدى ضرتها، بعد أن استغل الزوج إعانة ابنه المقدمة من وزارة الشؤون الاجتماعية لتقديم مهر لزوجته الجديدة، وتلبية طلباتها. قالت أم سلطان ل "الوطن" إن الزوج ضاق ذرعاً بتحمل مسؤوليات ابنه المعاق، ومراجعته لمراكز التأهيل الخاصة بذوي الاحتياجات الخاصة دون تحسن، وقرر الزواج هرباً من المسؤولية، ورغبة في التمتع بإعانة ابنه. وأضافت قائلة: "حذرت زوجي من عقوبة التعدي على مال المعاق، فهددني بطردي وابني من المنزل، وزادت الأمور سوءاً حين أتى بزوجته الثانية إلى المنزل، وطلب مني العمل على خدمتهما، ولقلة حيلتي وهجران إخوتي لي لظروفهم المادية جعلني أخضع لطلباته، فليس لي مأوى ألجأ إليه". أم فوزية هي الأخرى لها تجربة شبيهة، حيث قالت "لدي ابنة عمرها 16 عاماً تعاني من إعاقة ذهنية وجسدية، وتصرف لها إعانة، ولكن زوجي ينفق تلك الإعانة في المسكرات، ولا يساهم في مصروفات المنزل، وبعد أن تراكم علينا مبلغ إيجار الشقة التي نسكنها اضطررت للحصول على مبلغ من أهلي على سبيل السلفة، وقد ساهم بعض أهل الخير ممن يسكنون في نفس المدينة بمساعدتي لسداد جزء من المبلغ، إلا أن ضغوطات الحياة اليومية ومطالب الأبناء جعلتني عاجزة عن تلبية أبسط طلباتهم"، مشيرة إلى أن الكثير من الآباء يلقون بمسؤولية أبنائهم المعاقين على زوجاتهم اللاتي يتحملن قساوة العيش من أجل توفير الطعام والدواء للأبناء. من جهته طالب عضو مجمع الفقه الإسلامي العالمي الدكتور محمد النجيمي وزارة العدل بمعاقبة كل من يتلاعب بأموال ذوي الاحتياجات الخاصة، ويصرفها دون وجه حق. وقال إن هذا المال الذي يصرف من الدولة هو إعانة للمعاق، وحق له لا يجوز أن يصرف لغيره، وبالطبع لا يجوز استخدام هذا المال في غرض الزواج به، أو صرفه في أمور محرمة من مسكرات وغيرها، بل الواجب صرف المال في جلب خادمة للمعاق، أو تعليمه في مدارس خاصة، أو توفير معلم له في المنزل". المحامية وعضو هيئة حقوق الإنسان بالمنطقة الشرقية ميرا الكعبي، قالت "حسب المادة الثانية من نظام رعاية المعاقين، تتكفل المملكة باحتياجات المعاقين الصحية والتعليمية والترفيهية، ويشمل ذلك صرف معونات عينية مثل أجهزة تعويضية، وتسهيلات أخرى، كما توفر وزارة الشؤون الاجتماعية دور إيواء لحالات الإعاقة الشديدة، ومراكز تأهيل نهارية، وتصرف للمعاقين معونات مالية، والمملكة تشجع بقاء ذوي الإعاقة في محيط أسرهم، لذا تصرف الجهات المختصة معونات مالية إلى أولياء الأمور إلى جانب المعونات العينية". وأضافت أن "المعونات يفترض ألا تصرف من قبل الجهة المختصة إلا بعد فحص أهلية ولي الأمر، والتحقق من أن الإعانة ستنفق في وجوهها المستحقة، ولكن في حالة الإخلال بذلك وصرفها في غير محلها، يحق للشخص المتضرر أن يعود إلى الجهة ذاتها، وتقديم شكواه مع ما يثبت ذلك، كما يمكن للأم الذهاب إلى القاضي للحصول على صك إعالة، وبموجب صك الإعالة يمكن للجهة المسؤولة صرف المعونة للأم مباشرة". واقترحت الكعبي تفادي هذا التلاعب عبر صرف معونات عينية بدلاً من نقدية، أو صرف المعونات النقدية من خلال كوبونات شراء محددة القيمة، ومن جهات معينة توفر جميع الاحتياجات، من مأكل ومشرب وملبس، وما إلى ذلك، وكذلك اقتطاع مبلغ معين شهرياً من المعونة لادخاره في صندوق استثمار يعود ريعه إلى الشخص المعاق عند بلوغ سن معينة، أو أن يكون بمثابة ادخار للمستقبل لتوفير مستوى من الكرامة الإنسانية لهم، لعجز البعض منهم عن التفرغ للشؤون المالية"، مشيرة إلى أن الشخص المتضرر يمكنه اللجوء إلى القضاء، لإزالة ما لحقه من ضرر، ومعاقبة المذنبين في ذلك.