عبدالرحمن العليان هو سؤال مثير ويحتمل كثيرا من الملاحظة والإيحاء، ويحتاج إلى كثير من الاستكشاف والتبصر والتأني: هل القراءة والكتابة مرتبطان ارتباطا وثيقا بالكتاب فقط؟ لماذا يعزف التلاميذ الآن عن قراءة الكتب في المكتبة المدرسية؟ هل فعلا نحن أمة لا تقرأ؟ هل إجاباتنا عن الأسئلة السابقة انطلقت من واقع دراسة، أم وفق رؤية شخصية لا تمت إلى المنطق العلمي أو الحقائق المثبتة بأرقام صادرة من جهات موثوق بها؟! هنا نقف، وهنا نبدأ، وهنا لا بد من التأصيل للمسألة برمتها، قبل أن نطلق حكما أو معلومة. من المعلوم للجميع أن قدماء البشر كانوا ينقشون على الصخور كتابتهم وتاريخهم، فهل هم أمة لا تقرأ؟! صار الأفراد من الجيل الجديد يغردون بكلمات مختصرة عن وضعهم النفسي والاجتماعي والتاريخي، وينشرون في وسائل تصل إلى العالم أجمع، وهناك إحصاء يشير إلى أن السعودية تحتل المركز السابع في عدد التغريدات، فهل نحن أمة لا تقرأ ولا تكتب؟! بعض المغردين المشهورين يجمعون ما غردوا ويطبعونه في كتاب ورقي. هل من يقرأ تلك التغريدات عبر موقع التواصل التقني يعدّ غير قارئ، ومن يقرأه من الكتاب المطبوع يعدّ قارئا؟! هنا يكمن الإشكال والتباين في الآراء. من وجهة نظر شخصية، أعدّ الشخص المتواصل في تلك المواقع قارئا وكاتبا، ولو جمعنا ما قرأه -خلال أسبوع- لوجدنا أنه ربما قرأ كتابا، وخلال شهر ألف كتاب غير منقح! وربما غيري يعدّ ابنه جاهلا لا يمكن أن ينجح في مستقبل حياته، لأنه لم يمس من الكتب غير كتبه الدراسية. لكن الإنسان بفطرته محب للقراءة! يقرأ اللوحات المنتشرة في كل مكان، يقرأ الصحف ومواقع الأخبار الفورية، يقرأ ما يُكتب في مواقع التواصل الاجتماعي، يقرأ الصور ويشاهدها، ولعل «صورة تغني عن ألف كلمة»! يشاهد الأفلام بأنواعها كافة، ويقرأ ترجمتها على الشاشة. نعم، نحن «أمة تقرأ» بأشكال متعددة وجديدة، وليس بالشكل الذي يطالبنا به كثير من المثقفين المنغلقين من ضرورة «النهم القرائي»، والقراءة حتى في «القطار أو الطائرة» وفق النموذج الغربي.