قال معهد Brookings الأميركي، في تقرير له، إن علاقات الولاياتالمتحدة مع حليفتها القديمة حكومة إقليم كردستان، تزعزعت خلال الشهر الماضي، بعدما التزمت واشنطن الصمت تجاه إطلاق قوات الأمن العراقية والميليشيات المسلحة من الحشد الشعبي، هجوما عسكريا ضد قوات البيشمركة في الأراضي المتنازع عليها في كركوك، مشيرا إلى أن دعم أميركا الضمني لهذا الهجوم العسكري، عبر عن سياستها للإطاحة بالجماعات الموالية لإيران في العراق، كذلك فإن هذا الدعم يمنح رئيس الوزراء حيدر العبادي الفرصة للفوز بالانتخابات القادمة. وأضاف التقرير أنه منذ عام 2003، لم يتم تشكيل أي حكومة بدون الأكراد، كنتيجة لطبيعة السلطة والسياسة المنتشرة في بغداد، مبينا أن ضمان استمرارية الأكراد في المشاركة مع بغداد والحصول على حصص في الدولة العراقية سيكون أمرا محوريا بالنسبة لمصالح الولاياتالمتحدة في العراق، لأنه بغياب المشاركة الكردية في تعزيز موقف العبادي، فإن الجماعات المتشددة الموالية لإيران ستسيطر بلا شك على الحكومة وستقوي من قبضتهم على تأسيسات الدولة. فريقان متنافسان حسب التقرير فإنه وسط ضجة هجوم كركوك والخلاف حول استفتاء الاستقلالية الكردية في الشهر الماضي، عاد النقاش حول فشل الحكم والسلطة في الجهة الشمالية، وأن تهميش المجتمع السني العربي، وقلة الوظائف والخدمات جميعها وفرت بيئة مساعدة لظهور تنظيم داعش في 2014، بالإضافة إلى الحكم الطائفي لرئيس الوزراء السابق نوري المالكي. وقال التقرير إن هناك نظامين متنافسين شكلا الصراع وسفك الدماء في العراق لا يزالان يقومان بدورهما بشكل قوي حتى الآن، مبينا أن الفريق الأول يضم الجماعات الشيعية العربية والتي يستند وجودها على روايات حول منع عودة حزب البعث بعد زواله عام 2003، وأن غيابهم سيعيد الدولة إلى الحكم القمعي، فضلا عن ذلك فإن تلك الروايات أعطت الأحزاب الشيعية الموارد والقدرات المالية. وأوضح التقرير أن الفريق الثاني يتمثل في الجهات السنية الفاعلة، من الأحزاب السنية والقبائل والجماعات الثائرة، لافتا إلى أن فترة ما قبل 2003 حفلت بالذكريات المثارة لعصر عظمة العرب، الخالي من حكم الميليشيات، والنزاع الطائفي والدولة الصفوية وكذلك الاستعمار الغربي. وبين التقرير أن الرواية الأخيرة مكنت تنظيم داعش من توسيع نفوذه وارتكاب الأعمال الوحشية العنيفة. السلطة العادلة ذكر التقرير أن إقليم كردستان يمتلك خاصية قديمة بالتاريخ السياسي الخاص بالعراق، ربما لا تحدد مصير وشرعية الدولة العراقية، غير أن استمرار مشاكل الإقليم إلى جانب الفشل في الحصول على رضا العرب السنيين، سيتسبب في استمرارية النظامين السياسيين المتنافسين اللذين نتج عنهما مئات الآلاف من الوفيات وسفك الدماء الطائفي والحرب الوثيقة بين السلطات الإقليمية المتنافسة. وخلص التقرير إلى أن ضعف الدولة العراقية والتساؤلات حول شرعيتها، بالإضافة إلى الصراعات الطائفية، جميعها ستستمر إلا في حال قامت الولاياتالمتحدة بالتأكيد وبإعادة تحديد سياساتها تجاه ترتيبات مشاركة السلطة، مشيرا إلى أن هذه الإجراءات ستقلل مساحة العنف، وتقوض الجهات الفاعلة المضطربة، بما فيها الجماعات المنحازة لإيران التي تسعى واشنطن إلى إضعاف مشاركتها وتهميشها.