دخلت الهدنة السورية في يومها الخامس أمس، مرحلة حرجة، وباتت مهددة بالانهيار، إثر مواصلة قوات الأسد والميليشيات الموالية لها خرق اتفاق وقف إطلاق النار المبرم برعاية روسية - تركية، فيما أصدر الجيش السوري الحر بيانا موقعا من عدة فصائل، أعلن فيه تعليق كل المشاورات المرتبطة بمفاوضات أستانة، وكذلك تجميد اللقاءات المرتبطة باتفاق وقف إطلاق النار، حتى تتوقف خروقات النظام. وشددت فصائل المعارضة، مساء أول من أمس، على أنها "التزمت بوقف إطلاق النار، باستثناء مناطق سيطرة تنظيم داعش، لكن النظام وحلفاؤه استمروا في اعتداءاتهم، وقاموا بخروقات كثيرة، خصوصا في منطقة وادي بردى والغوطة الشرقية، ونظرا لتفاقم الوضع واستمرار هذه الخروقات، فإن الفصائل تعلن تجميد أي محادثات لها علاقة بمفاوضات أستانة، وأي مشاورات مترتبة على اتفاق وقف إطلاق النار، حتى تنفيذه بالكامل". وحذرت الفصائل الموقّعة، وأبرزها جيش الإسلام وفيلق الشام، وفرقة السلطان مراد القريبة من تركيا، من أن الاتفاق يعتبر "بحكم المنتهي، ما لم تتم إعادة الأمور إلى وضعها الطبيعي قبل توقيع الاتفاق"، محملة موسكو مسؤولية عدم وقف تجاوزات النظام الذي تعهدت بضمانه في الاتفاق. وكانت الاشتباكات قد تجددت أمس في منطقة وادي بردى، بريف دمشق الغربي، بين قوات النظام ومقاتلي حزب الله، من جهة، والفصائل المقاتلة من جهة أخرى، وسط استقدام قوات النظام لتعزيزات عسكرية إلى المنطقة، حسبما أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان، الذي أضاف أن الاشتباكات ترافقت مع غارات وقصف بالبراميل المتفجرة على المنطقة، وذلك بعد يوم من وصول قوات النظام وحلفائها إلى أطراف عين الفيجة، النبع الرئيسي في وادي بردى، والذي توقف ضخ المياه منه إلى دمشق منذ أسبوعين. اختلاف الرؤى بحسب المراقبين السياسيين، يبدو أن فصائل المعارضة ليست متفقة في الرؤى حيال اتفاق وقف إطلاق النار وإجراء مفاوضات تهدف إلى وقف شامل لإطلاق النار، يستثني تنظيمي داعش وجبهة فتح الشام" النصرة سابقا"، والإقرار بأن لا حل عسكريا في سورية، وأن الحل السياسي ترعاه روسياوتركيا، إضافة إلى تطبيق القرار 2254. وتأتي مشاركة تركيا في هذه المحادثات بعد اعتراف روسيا للمرة الأولى، بشرعية فصائل عسكرية معارضة كانت ترفضها، في مقابل أن تكون تركيا طرفا رئيسيا في هذه المحادثات، إلا أن التغيير في موقف موسكو لم يرض طهران ونظام الأسد، خاصة أن بعض الجماعات التي اعترفت بها روسيا تعتبرها إيران والنظام جماعات إرهابية. كما تريد موسكو مشاركة الأكراد في الحوار، فيما ترفض تركيا ذلك، وتطالب بأن تكون المشاركة ضمن وفد النظام، كما تحاول موسكو استثناء الهيئة التفاوضية العليا، وأنقرة تطالب بحضورها. في المقابل لم تتضح بعد تفاصيل حول هوية الأطراف التي ينوى أن تشارك في مؤتمر أستانا لجهة المعارضة السورية. حكومة وحدة وطنية وفقا لتسريبات، فمن المتوقع أن تدعو موسكو فصائل معارضة متفرقة لتطرح عليها المشاركة في السلطة، على أساس تشكيل "حكومة وحدة وطنية"، وهو ما ترفضه المعارضة التي تتمسّك بالمظلة الأممية، وقرارات دولية ذات صلة، تدعو صراحة إلى تشكيل هيئة حكم انتقالية كاملة الصلاحيات. يذكر أن مجلس الأمن الدولي كان قد أصدر السبت الماضي، قرارا بالإجماع يدعم الخطة الروسية التركية لوقف إطلاق النار في سورية، والدخول في مفاوضات لحل النزاع المستمر منذ ست سنوات، دون أن يصادق على تفاصيل الخطة.