جمّدت أكثر من عشر فصائل سورية معارضة مشاركتها في أي محادثات حول مفاوضات السلام المرتقبة في آستانة (عاصمة كازاخستان)، متهمة القوات النظامية بخرق الهدنة الهشة التي دخلت الثلثاء يومها الخامس مع استمرار المعارك قرب دمشق، وسط تحذير من أن الهدنة دخلت «مرحلة حرجة» وتواجه «خطر الانهيار» ما لم يتدخل الراعيان الروسي والتركي لإنقاذها. وذكر «المرصد السوري لحقوق الإنسان» أن الطائرات الحربية والمروحية التابعة للحكومة السورية واصلت أمس استهداف قريتي بسيمة وعين الخضرة ومناطق أخرى بوادي بردى في ريف دمشق، بالتزامن مع فتح القوات النظامية نيران رشاشاتها الثقيلة على مرتفعات وادي بردى، وسقوط صواريخ عدة يُعتقد أنها من نوع أرض - أرض «على قرية عين الفيجة وأماكن أخرى في وادي بردى، «وسط اشتباكات بين قوات النظام وحزب الله اللبناني والمسلحين الموالين من جنسيات سورية وغير سورية من جهة، والفصائل المقاتلة والإسلامية وجبهة فتح الشام من جهة أخرى، في محور قريتي بسيمة وعين الفيجة». وأشار «المرصد» إلى «استقدام قوات النظام تعزيزات عسكرية إلى وادي بردى للمشاركة في العمليات العسكرية... (الهادفة إلى) استعادة السيطرة على عين الفيجة وكامل منطقة وادي بردى أو التوصل إلى اتفاق مصالحة وتسوية أوضاع بينها وبين القائمين على وادي بردى والفصائل العاملة فيها، على غرار (ما حصل في) خان الشيح ومعضمية الشام وداريا وقدسيا والهامة في ضواحي العاصمة دمشق وغوطتها الغربية». وتحدث عن «تصاعد وتيرة» هجوم القوات الحكومية والميليشيات الحليفة وسط جهود ل «التوغل في اتجاه عمق منطقة وادي بردى» التي تُعتبر منطقة استراتيجية كونها تحوي منابع المياه التي تتزوّد منها العاصمة دمشق. ومع بدء سريان اتفاق وقف النار ليلة الخميس - الجمعة، شهدت معظم الجبهات الرئيسية في سورية هدوءاً مع خروقات محدودة، باستثناء منطقة وادي بردى. وشددت أكثر من عشر فصائل معارضة في بيان مشترك ليلة الإثنين - الثلثاء، على أنها «التزمت بوقف إطلاق النار في عموم الأراضي السورية» باستثناء مناطق سيطرة تنظيم «داعش»، غير أن النظام وحلفاءه «استمروا بإطلاق النار وقاموا بخروقات كثيرة وكبيرة، خصوصاً في منطقة وادي بردى والغوطة الشرقية». وأضافت الفصائل: «نظراً إلى تفاقم الوضع واستمرار هذه الخروقات، فإن الفصائل (...) تعلن تجميد أي محادثات لها علاقة بمفاوضات آستانة أو أي مشاورات مترتبة على اتفاق وقف النار حتى تنفيذه بالكامل». وحذّرت الفصائل، وأبرزها «جيش الإسلام» و «فيلق الشام»، وهما فصيلان نافذان في ريف دمشق، و «فرقة السلطان مراد» القريبة من تركيا، من أن اتفاق وقف النار يُعتبر «بحكم المنتهي» ما لم تتم «إعادة الأمور إلى وضعها الطبيعي قبل توقيع الاتفاق فوراً». ويهدد هذا القرار وقف النار ومفاوضات السلام المنوي عقدها نهاية الشهر الجاري في آستانة، بموجب الاتفاق الذي توصلت إليه موسكو، حليفة دمشق، وأنقرة الداعمة للمعارضة. وهو أول اتفاق يتم برعاية تركية مباشرة، بعدما كانت الولاياتالمتحدة شريكة روسيا في اتفاقات سابقة لوقف النار لم تصمد. وحذّر المتحدث باسم مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية في الأممالمتحدة ينس لاركي الثلثاء من أن «أربعة ملايين شخص في مدينة دمشق ما زالوا محرومين من المياه منذ 22 كانون الأول (ديسمبر) جراء المعارك في منطقة وادي بردى»، مبدياً الخشية من تفشي الأمراض جراء نقص المياه وخصوصاً بين الأطفال. ومنذ 20 كانون الأول، بدأت قوات الحكومة السورية هجوماً على المنطقة بهدف السيطرة عليها أو الضغط للتوصل إلى اتفاق مصالحة، ينهي العمل العسكري للفصائل فيها، على غرار اتفاقات مشابهة جرت في محيط دمشق خلال الأشهر الماضية. ونقلت صحيفة «الوطن» السورية القريبة من الحكومة في دمشق الثلثاء عن محافظ ريف دمشق علاء إبراهيم إن «الجيش (النظامي) سيحسم الموضوع قريباً»، معتبراً أنه «أمام مسلحي وادي بردى... إما تسوية أوضاعهم أو الخروج»، لافتاً إلى أن «لا مصالحة مع جبهة النصرة»، في إشارة إلى عناصر «جبهة فتح الشام». وتنفي الفصائل المقاتلة في شكل قاطع وجود عناصر من هذه الجبهة في وادي بردى. لكن «المرصد السوري» يتحدث عن وجود مئات من عناصر الجبهة بين الآلاف من عناصر الفصائل الأخرى في المنطقة. ويستثني اتفاق وقف النار التنظيمات المصنفة «إرهابية»، وبشكل رئيسي تنظيم «داعش». كما يستثني، بحسب موسكوودمشق «جبهة فتح الشام» الأمر الذي تنفيه الفصائل المعارضة. ويزيد هذا التباين من صعوبة تثبيت الهدنة بسبب وجود هذه الجبهة ضمن تحالفات مع فصائل أخرى مقاتلة في مناطق عدة أبرزها محافظة إدلب (شمال غرب)، أبرز معقل متبق للفصائل بعد خسارتها مدينة حلب الشهر الماضي. وإلى جانب الاشتباكات المستمرة في وادي بردى، سجّل «المرصد» خرقاً بارزاً في ريف إدلب الجنوبي، حيث أسفرت ضربات جوية لقوات النظام عن مقتل امرأة حامل وإصابة ثلاثة أشخاص آخرين بجروح في مدينة خان شيخون. كما أفاد بإطلاق فصيل معارض قذائف صاروخية على بلدتين تحت سيطرة قوات النظام في محافظة حماة (وسط). وقال مدير «المرصد السوري» رامي عبدالرحمن لوكالة «فرانس برس» الثلثاء إن الهدنة دخلت «مرحلة حرجة»، محذّراً من أنها تواجه «خطر الانهيار» ما لم يتدخل راعيا الاتفاق روسياوتركيا لإنقاذها. وتمكنت روسيا السبت من الحصول على دعم مجلس الأمن الدولي للخطة الروسية - التركية لوقف النار في سورية والدخول في مفاوضات لحل النزاع المستمر منذ نحو ست سنوات، من دون أن يصادق على تفاصيل الخطة. وحرصت كل من تركياوروسيا على التأكيد أن محادثات آستانة لا تشكل بديلاً من مفاوضات جنيف التي ترغب الأممالمتحدة باستئنافها في الثامن من شباط (فبراير). وتشهد سورية منذ آذار (مارس) 2011 نزاعاً دامياً تسبب بمقتل أكثر من 310 آلاف شخص وبدمار هائل في البنى التحتية ونزوح وتشريد أكثر من نصف السكان داخل البلاد وخارجها. ألماني «داعش» وفي برلين (رويترز)، وجّه كبير ممثلي الادعاء اتهاماً إلى شاب ألماني بالقتل والانتماء إلى جماعة إرهابية وارتكاب جرائم حرب لدوره في إعدام ستة محتجزين على أيدي عناصر «داعش» في سورية عام 2015. ويحتجز الألماني (28 عاماً)، ويدعى في أوراق المحكمة هاري إس، منذ عودته إلى ألمانيا في تموز (يوليو) 2015 بعدما قال مدعون إنه شارك في عمليات إعدام بمدينة تدمر. وقالت ناطقة باسم مكتب المدعي الاتحادي بمدينة كارلسروه إن الشاب سافر إلى سورية مطلع عام 2015 للانضمام إلى «داعش» وتورط في منتصف ذلك العام بحادثة إعدام ستة محتجزين بالرصاص في سوق بتدمر. تقدّم ل «غضب الفرات» في الرقة استمر أمس هجوم «قوات سورية الديموقراطية» في ريف محافظة الرقة (شمال شرقي سورية) في إطار ما يُعرف بعملية «غضب الفرات» المدعومة من الأميركيين والهادفة إلى «عزل» مدينة الرقة، العاصمة الفعلية ل «داعش» في سورية، تمهيداً لطرد هذا التنظيم المتشدد منها. وأشار «المرصد السوري لحقوق الإنسان» إلى «اشتباكات عنيفة» تدور بين تحالف «قوات سورية الديموقراطية» (يضم فصائل كردية وعربية) وبين «داعش» في محيط قرية الدحلان جنوب غربي بلدة عين عيسى بريف الرقة الشمالي الغربي، فيما تشهد سماء المنطقة تحليقاً لطائرات التحالف الدولي التي توفّر غطاء جوياً للقوات المهاجمة. في المقابل، أكدت مصادر إعلامية تابعة ل «قوات سورية الديموقراطية» أنها «حررت قريتي شالي وحانحود ضمن حملة غضب الفرات» أول من أمس. وبالتزامن مع ذلك، انشغلت بريطانيا أمس بإعلان «وحدات حماية الشعب» الكردية، وهي الفصيل المهيمن في «قوات سورية الديموقراطية»، أن عنصراً بريطانياً في صفوفها قُتل في معارك ضد «داعش» في الرقة. ويدعى القتيل رايان لوك (20 سنة) وهو سافر من مقاطعة وست ساسكس إلى سورية، عبر تركيا، في آب (أغسطس) العام الماضي بهدف الالتحاق بالوحدات الكردية، لكنه قال لأهله إنه ذاهب في «عطلة». وقالت عائلته لمحطة «بي بي سي» ووسائل إعلامية أخرى، إنه لم يكن لديه أي خبرة عسكرية بل كان يعمل طاهياً في بريطانيا. وأبلغت «وحدات حماية الشعب» أسرة القتيل بوفاته عبر رسالة قدّمت فيها مواساتها لهم، موضحة أنه قضى إلى جانب أربعة آخرين من أفرادها في معركة جرت في قرية جعبر يوم 21 كانون الأول (ديسمبر) الماضي. ومعروف أن معارك عنيفة جرت للسيطرة على هذه القرية الشهر الماضي، وسط مقاومة ضارية من «داعش». وتقع القرية على الضفة الشرقية لنهر الفرات وهي قريبة من سد الفرات وتعني السيطرة عليها أن «وحدات حماية الشعب» باتت على مشارف مدينة الطبقة الاستراتيجية. وقالت «الوحدات» الكردية في رسالتها، إنها أعطت لوك اسماً كردياً هو بيرجوادن غيفارا، وإنه التحق بصفوفها بدءاً من 4 أيلول (سبتمبر) الماضي. وطلب جون لوك، والد رايان، من وسائل الإعلام ترك الأسرة بحالها خلال فترة حزنها على فقدانه. وتقول تقارير لوسائل إعلام إن هناك قرابة 50 بريطانياً يقاتلون إلى جانب «وحدات حماية الشعب» ضد «داعش» في سورية.