دخل اتفاق وقف النار في سورية «مرحلة حرجة» في يومه الخامس أمس، وسط تقارير عن حشود للقوات النظامية وعناصر «حزب الله» اللبناني بهدف «حسم» المعارك في منطقة وادي بردى «خزّان مياه دمشق». ولم يكن واضحاً حتى المساء ما إذا كانت روسيا ستتدخل لدى الحكومة السورية لوقف الهجوم، بعدما ربطت الفصائل المسلحة استمرار وقف النار «الشامل» ومشاركتها في التحضير لمفاوضات آستانة المقبلة بعدم استثناء وادي بردى من التهدئة. وصدر موقف إيراني لافت أمس، تمثّل في إعلان علي أكبر ولايتي، مستشار المرشد الإيراني الأعلي علي خامنئي، أن التفاهمات في شأن وقف النار في سورية لا تشمل خروج المجموعات المسلحة المؤيدة للحكومة السورية، مثل «حزب الله» اللبناني، معتبراً المعلومات التي تتردد في هذا الشأن «دعاية يطلقها العدو». وجاء النفي الإيراني بعد أيام من مطالبة تركيا، وهي أحد الطرفين «الضامنين» لوقف النار (إلى جانب روسيا)، بضرورة انسحاب «حزب الله» من الأراضي السورية. وكان ولايتي يتحدث أمس علي هامش اجتماعه بنائب الرئيس العراقي نوري المالكي الذي يزور طهران، والذي قال إن «مواقفنا ترتكز على مكافحة الإرهاب ومعارضة إطاحة الرئيس السوري بشار الأسد». في غضون ذلك، ذكر موقع «ميزان» الإيراني، أن 10 من كبار قادة «الحرس الثوري» الذين كانوا يعملون بصفة «مستشارين عسكريين» في سورية، قُتلوا خلال السنوات الثلاث الماضية. وهؤلاء العشرة هم عبدالله إسكندري المدير العام السابق ل «مؤسسة الشهيد» في محافظة فارس، ومحمد علي الله دادي قائد «فيلق الغدير» في محافظة يزد، وهادي كجباف معاون قائد «كتيبة مالك الأشتر» في مدينة الأهواز، وفرشاد حسوني زاده قائد «فرقة الصابرين»، وحميد مختار بند مسؤول «فرقة الحجة» في مدينة الأهواز، وحسين همداني قائد «فيلق محمد رسول الله» الخاص بالعاصمة طهران، وسعيد سياح طاهري، وحسن علي شمس آبادي، وغلام رضا سمايي مسؤول العمليات في مقر «ثامن الأئمة»، وغلام علي قلي زادة. وذكر «المرصد السوري لحقوق الإنسان» أمس، أن الطائرات الحربية والمروحية السورية واصلت استهداف قريتي بسيمة وعين الخضرة ومناطق أخرى بوادي بردى في ريف دمشق، بالتزامن مع قصف بصواريخ أرض- أرض واشتباكات بين القوات النظامية و «حزب الله»، من جهة، وفصائل المعارضة المسلحة من جهة أخرى، وأشار إلى استقدام دمشق «تعزيزات عسكرية إلى وادي بردى للمشاركة في العمليات العسكرية... (الهادفة إلى) استعادة السيطرة على عين الفيجة وكامل منطقة وادي بردى أو التوصل إلى اتفاق مصالحة وتسوية أوضاع بينها وبين القائمين على وادي بردى والفصائل العاملة فيها». ونقلت صحيفة «الوطن» السورية القريبة من الحكومة عن محافظ ريف دمشق علاء إبراهيم، أن «الجيش (النظامي) سيحسم الموضوع قريباً»، معتبراً أنه «أمام مسلحي وادي بردى... إما تسوية أوضاعهم أو الخروج»، لافتاً إلى أن «لا مصالحة مع جبهة النصرة»، في إشارة إلى عناصر «جبهة فتح الشام». وتنفي الفصائل المقاتلة وجود عناصر من هذه الجبهة في وادي بردى. لكن «المرصد السوري» يتحدث عن وجود مئات من عناصر الجبهة بين الآلاف من عناصر الفصائل الأخرى في المنطقة. وقال مدير «المرصد السوري» رامي عبدالرحمن ل «فرانس برس» الثلثاء، إن الهدنة دخلت «مرحلة حرجة»، محذّراً من أنها تواجه «خطر الانهيار». وشدد أكثر من عشرة فصائل معارضة في بيان مشترك ليل الإثنين- الثلثاء، على أنها «التزمت وقف النار في عموم الأراضي السورية» باستثناء مناطق سيطرة تنظيم «داعش»، غير أن دمشق وحلفاءها «استمروا بإطلاق النار وقاموا بخروق كثيرة وكبيرة، خصوصاً في منطقة وادي بردى والغوطة الشرقية». وأضافت الفصائل: «نظراً إلى تفاقم الوضع واستمرار هذه الخروقات، فإن الفصائل (...) تعلن تجميد أي محادثات لها علاقة بمفاوضات آستانة أو أي مشاورات مترتبة على اتفاق وقف النار حتى تنفيذه بالكامل». وحذّرت الفصائل من أن اتفاق وقف النار يُعتبر «بحكم المنتهي» ما لم تتم «إعادة الأمور إلى وضعها الطبيعي قبل توقيع الاتفاق فوراً». على صعيد آخر، استهدفت طائرات مجهولة مقراً مركزياً ل «جبهة فتح الشام» بين بلدتي سرمدا وكفردريان بريف إدلب الشمالي. وأكدت الجبهة عبر حسابها الرسمي، أن طيران التحالف الدولي استهدف المقر «ما أدى إلى مقتل جميع الإخوة فيه ويقدّر عددهم ب 25 أخاً، والمكان ليس سجناً بالأصل، إنما مقر مركزي ثم ألحق به مخفر»، وفق ما أوردت شبكة «شام» المعارضة التي تحدثت عن 40 قتيلاً بينهم سجناء. وجاءت الضربات الجديدة بعد غارات الأحد التي أودت بحياة 3 من القادة الكبار في «فتح الشام» وتنظيم «القاعدة».