بعد تحذير مبعوث الأممالمتحدة إلى ليبيا، مارتن كوبلر، من مغبة انهيار الاتفاق السياسي الذي وقع بمدينة الصخيرات المغربية وانتهاء أثره الدستوري، في حال انتهاء صلاحيته بمرور عام من التوقيع عليه، يرى مراقبون للشأن الليبي أن الاتفاق السياسي لا يزال قويا. مشيرين إلى أن مستقبل الوضع في ليبيا سياسيا وعسكريا مرتبط بنتائج محاربة تنظيم داعش في سرت التي استحوذت على اهتمام ودعم كثير من القوى الدولية، ولم تختلف على شرعيتها القوى المحلية. وقال الصحفي سالم الناجعة، إن وقوف الولاياتالمتحدة عسكريا بشكل علني مع قوات المجلس الرئاسي في سرت رسالة صريحة بعدم قبولها أي حل خارج الاتفاق، لكن قادة الجيش الليبي علقوا إمكانية قبولهم لقوات مصراتة ضمن الجيش بنتائج معركة سرت. وأشار الناجعة إلى أن الجيش اكتفى بتحقيق أكبر انتصاراته المتمثلة في تحرير الهلال النفطي، وهي نقطة قلبت موازين الرؤى والاعتبارات الدولية، حتى أن مواقف العديد من الدول المناوئة للجيش تغيرت، لافتا إلى أن إيطاليا اعترفت مؤخرا بضرورة تسهيل اتصالات بين حفتر والسراج، كما أن موقف المبعوث الأممي تغير بشكل كبير، إذ طالب بضرورة أن تكون مؤسسة الجيش تحت قيادة حفتر. وأضاف أن المجتمع الدولي عمل مؤخرا على إعادة ترتيب أوراقه وإجبار الأطراف الليبية على اللقاء والتفاهم من أجل التقدم في الاتفاق وهناك مشاورات ولقاءات على أكثر من مسار للتفاهم على شكل الحكومة الجديدة، بعد التجاذبات التي وقت مؤخرا بين حكومة الإنقاذ برئاسة الغويل وحكومة الوفاق الوطني برئاسة فائز السراج، فضلا عن الحكومة المؤقتة برئاسة عبدالله الثني. وأضاف أن احتواء حكومة الغويل ضمن التشكيلة الجديدة لحكومة الوفاق باتت أمرا واردا، لاسيما أن الغويل فرض نفسه في طرابلس ولديه ميليشيات تؤيده". تورط الإخوان عد الناشط المدني بمصراته، ناجي الشركسي، أن فصائل مسلحة من ورائها شخصيات فاعلة في مصراته هي من وقفت وراء عودة حكومة الغويل، وأرادت بهذا غسل يديها من تحالفها السابق مع الجماعات المتشددة وتحديدا جماعة الإخوان لترسل رسالة إلى خصمها في شرق البلاد، مفادها أنه يمكننا التفاهم. وتوقع الشركسي أن تكون نهاية الإخوان في ليبيا قريبة، وقال "الجماعة انكشف أمرها، وهناك الكثير من الأدلة والوثائق التي حصل عليها مسلحو مصراته تثبت تورط الإخوان في أحداث سرت، لتوطين داعش في ليبيا، وربما تكشف دور دول إقليمية أيضا في دعمها وتسهيل وصول المقاتلين إليها من بلدان أخرى. إلا أن هناك وعيا كبيرا تتسع دائرته في أوساط قادة ومسلحي كتائب مصراته بالتوازي مع كثر الجراحات والخسائر المتتالية التي منيت بها المدينة طيلة ثلاث سنين من القتال". المجلس الرئاسي يتفق المراقبون على أن انتهاء تنظيم داعش في البلاد على يد مقاتلي مصراتة لوحدهم كشف عن أدوار من كانوا يقودون المشهد في المدينة، مما أتاح مجالا كبيرا للتيار المدني المعارض لدعم الإخوان و لقبول دعوة من اعتبروا خصوما وتحول النظرة إليهم بأنهم شركاء في الوطن. كما يتفق المراقبون على أنه لا بديل عن الاتفاق السياسي كإطار يجمع طرفي الأزمة، معتبرين أن المجلس الرئاسي أحسن إدارة الوضع خلال المدة الماضية بعدم انحيازه لطرف من الأطراف ووقوفه على مسافة واحدة بينها، وبالتالي يمكن القبول به قائدا للمرحلة المقبلة إذا أجريت عليه بعض التعديلات الممكنة.