انتشرت وحدات الأمن المركزي في بعض شوارع العاصمة الليبية طرابلس وطرقاتها أمس، للتحقق من بعض أصحاب السيارات، في وقت خيّم على المدينة هدوء بعد سماع دوي إطلاق نار كثيف ناتج من اشتباكات في بعض المناطق ليلاً. وطاول رصاص طائش شققاً سكنية في مناطق مواجهات بين قوات موالية لحكومة الوفاق برئاسة فائز السراج وتلك الموالية لحكومة الإنقاذ (حكومة الأنقلاب) برئاسة خليفة الغويل والتي انضمت إليها ليلاً قوات الحرس الرئاسي. وعلى رغم أوامر أصدرها كل من الطرفين باعتقال مسؤولي الطرف الآخر، أفاد شهود بأن السراج والغويل قاما بزيارات في المدينة من دون تسجيل احتكاكات، الأمر الذي عزته مصادر الأخير إلى رغبته في عدم تأجيج الموقف وإعطاء الحكومة الموقتة برئاسة عبدالله الثني والمنبثقة من البرلمان في طبرق، فرصة لتدبر أمورها ودرس خياراتها بعد عرضه عليها العودة إلى تولي مسؤولياتها وإعادة توحيد البلاد. وفي تصريحات صحافية خلال الساعات الأخيرة، أشاد الغويل ب «مؤسسة الجيش العريقة» في الشرق والغرب، والتي اعتبر أنها ستبادر إلى اختيار قادتها في الوقت المناسب، ملمحاً بذلك إلى عقدة المشير خليفة حفتر التي يُعتقد أنها ستقف عائقاً في وجه التعاون بين أطراف السلطة في طرابلس وقيادة الجيش التي تسيطر على الشرق. وترفض قيادة الجيش التعامل مع أي طرف يدعم المسلحين المتشددين الذين يتحصنون في منطقة قنفودة وسط بنغازي، في حين أن حكومتي «الإنقاذ» و «الوفاق» لا تستطيعان التخلي عن المسلحين وتنتظر التوصل إلى تسوية ما لأوضاعهم. وقال الغويل إن «الموجودين في قنفودة ليسوا كلهم دواعش ونحن نرغب في تحكيم العقل ووقف إطلاق النار». وأضاف: «ما يهمنا الآن هو الأمن والأمان، وسيكون هناك اتفاق بين المؤتمر والبرلمان لإيقاف الحرب في كل أنحاء ليبيا»، في إشارة إلى المؤتمر الوطني العام الذي كان يسيطر على طرابلس وتراجع دوره عقب إبرام اتفاق الصخيرات. وشدد الغويل على وجود «جهتين شرعيتين في ليبيا هما مجلس النواب والمؤتمر». في المقابل، تعهدت حكومة الوفاق المشكلة برعاية الأممالمتحدة وبموجب اتفاق الصخيرات، بعدم الرضوخ ل «ابتزازات» منافسيها، وأعلنت أنها طلبت من الادعاء العام اتخاذ «الإجراءات اللازمة إزاء مرتكبي المخالفات والخارجين عن القانون». وفي وقت أكدت رئاسة الأركان التابعة لحكومة الإنقاذ سيطرتها على طرابلس بنسبة مئة في المئة، مشيرة إلى أن أمن المواطن مضمون وأن الوضع عاد إلى طبيعته، أبلغ «الحياة» عبد الرحمن الشاطر عضو المجلس الأعلى للدولة الذي كان أحد الذين طردوا من القصور الرئاسية مساء الجمعة، أن «لا وجود لما يسمى الحرس الرئاسي»، معتبراً أنها «تسمية استحدثها عدد من الذين أرادوا إيجاد مكانة لهم في البلاد»، رافضاً أي شرعية لهذه القوات. وقال ل «الحياة» محمد الرعيض عضو مجلس النواب عن مدينة مصراتة المؤيد لحكومة الوفاق، إن الحكومة سيستكمل تشكيلها في غضون أيام قليلة لتنهي «الزوبعة في الفنجان التي افتعلها خليفة الغويل لإرباك المشهد السياسي، او ليتضح أنه لم يعد في إمكان العبث أن يوقف المسار نحو حل الأزمة التي تعيشها البلاد بسبب فشل الحكومات السابقة». ورأى أن ذلك سيتم بدعم من المجتمع الدولي ومبعوث الأممالمتحدة اللذين لا يرى أي منهما حلاً خارج الاتفاق السياسي المتفق عليه في الصخيرات. وفي إطار الردود الدولية على التطورات في طرابلس، دعت فرنسا أمس «كل القوى السياسية» الليبية إلى توحيد صفوفها تحت راية حكومة الوفاق. وقال الناطق باسم وزارة الخارجية الفرنسية رومان نادال: «نجدد دعمنا الكامل لحكومة الوفاق الوطني برئاسة فائز السراج، مندداً ب «احتلال (مقار) مجلس الدولة بالقوة».