وسط أنباء عن "تعويم الجنيه المصري" خلال الأيام القليلة المقبلة، حذر خبراء مصرفيون واقتصاديون من التسرع في اتخاذ هذا القرار وتوقعوا ترك "سعر الجنية" في السوق المحلية ليتحدد وفق آليات العرض والطلب، حتى تبقى قيمته الرسمية في أيدي البنك المركزي ولا يترك سعره ليتحدد وفق أسعار السوق السوداء على اعتبار أنه سلعة وأن تعويمه يهدد بموجه غلاء. انفلات في الأسعار أكد الخبير الاقتصادي الدكتور مختار الشريف، أن ما تترقبه الأوساط الاقتصادية في مصر الآن هو مزيد من إدارة سعر الصرف بسبب الخلل الكبير في ميزان المدفوعات، والخلل الأكبر في ميزان الصادرات والواردات خصوصا وأن مصر تستورد ما لا يقل عن 75 % من احتياجاتها الأساسية بالدولار، لكن الحكومة لا تفكر في "التعويم بالصفة المطلقة" لأن هذا لا يتناسب مع الأحوال الاقتصادية المصرية ولا نستطيع تحمل تبعاته. وشدد " الشريف" على وجود دوافع حيوية وراء اتخاذ قرار خفض قيمة الجنيه، تتمثل في قلة الموارد المالية الآتية لمصر بعدما هبطت إيرادات السياحة السنوية من نحو 13 مليار دولار إلى نحو مليار دولار فقط خلال العام الأخير، وهبطت تحويلات العاملين المصريين بالخارج من نحو 20 مليار دولار سنويا إلى نحو 6 مليارات دولار فقط خلال العام الأخير، كما هربت الاستثمارات الأجنبية إلى الخارج. أكد الشريف أن الغرض من خفض قيمة الجنيه هو اجتذاب الاستثمارات العربية والأجنبية، بعدما تزيد قيمة الدولار مقابل العملة المحلية، وهو ما يمكن المستثمر المصري والعربي من الاستثمار بأقل التكاليف بالعملة المصرية داخل البلاد، فالسلعة المصرية ستصبح أرخص مما كانت عليه بعد الخفض. خفض جديد للعملة قال رئيس المنتدى الاقتصادي المصري الدكتور رشاد عبده، إن القرار المرتقب خلال الفترة المقبلة هو خفض جديد لقيمة الجنيه وليس تعويمه، وهي من ضمن الشروط التي طلبها صندوق النقد الدولي، أن تكون لمصر "سياسة سعر صرف مرنة" إما بتعويم الجنيه أو تخفيض قيمته"، وكان الخيار صعبا فلو تم تعويمه فإن ذلك سيؤثر على الحياة العامة للناس بشكل كبير، أما تخفيضه بشكل متدرج فقد يؤدي ذلك إلى جذب الاستثمارات العربية والأجنبية وتزيد إيرادات السياحة، وإن كان من المؤكد أن ذلك سيؤدي إلى زيادة المعاناة الاقتصادية لملايين المصريين، ولكنها خطوة رئيسية ضمن الشروط التي وضعها صندوق النقد الدولي للإعطاء قرض ال 12 مليار دولار لمصر على ثلاث دفعات ولا يمكن رفضها. فهناك اضطرار مصري للموافقة على شروط الصندوق حتى نحصل على الشريحة الأولى من القرض بقيمة 3 مليارات دولار علاوة على وعود من الصندوق بحث كل من الصين والسعودية لتعزيز الاحتياطي النقدي المصري بالعديد من الودائع الدولارية، لكن هذا لم يمنع من وجود مخاوف من أن يتم اتخاذ خطوة "خفض الجنيه" دون تعزيز مصادر الدخل للعملة الصعبة بما فيها السياحة والاستثمارات الأجنبية، وهو ما قد يؤدي إلى صرف تلك الأموال مرة أخرى للدفاع عن قيمة العملة المحلية. الأمر به قدر كبير من الخطورة وهو ما حدث عندما تم خفض قيمة الجنيه نحو 14 % قبل عدة أشهر وامتصت السوق السوداء الخطوة آنذاك ولم نصل إلى نتيجة متوقعة.
التعويم ضروري أشار عضو مجلس الجمعية المصرية للأوراق المالية، محمد رضا، إن المخرج الوحيد لأزمة الدولار في مصر هو تعويم الجنيه، لافتا إلى أن مصر قد تأخرت في اتخاذ القرار، وأن المزيد من التأخر سيدفع أسعار الدولار إلى الارتفاع بشكل سيتخطى 14 جنيها. وأضاف رضا أنه في حالة تطبيق التعويم سيرتفع الدولار في السوق المصرية حتى 17 جنيها، وسيستمر ذلك لفترة لن تزيد على 5 أشهر في هذه الفترة ستحدث بعدها، حالة تشبع في السوق المصرية من العملات الخضراء ثم يتراجع إلى مستواه الطبيعي الذي سيكون في حدود 10 جنيهات. وأوضح أن قرار التعويم سيساعد البنك المركزي على التقاط أنفاسه مرة أخرى ليعود الاحتياطي النقدي إلى حاجز 20 مليار دولار، نتيجة توقف عطاءاته الأسبوعية للسوق، بعدما تناقص الاحتياطي النقدي إلى نحو 17.5 مليار دولار كما أن التعويم سيؤدي إلى تزايد تحويلات المصريين بالخارج، بعدما قلت بشكل كبير لوجود فرق بين سعر السوق الرسمي للدولار الذي وصل ل8.88 جنيهات والسعر في السوق الموازية الذي سجل 13 جنيها.