تعتبر المبادرات الطوعية للمؤسسات والشركات في تنمية المجتمع وخدمته جزءا لا يتجزأ من تراث المملكة، وهي المسؤولية التي يتصدى لها أصحاب الأعمال في سبيل تلبية حاجات الفئات المستهدفة، بما يسهم في إتاحة الفرصة لخدمة أنفسهم، وتحقيق المشاركة الفاعلة في مسيرة التنمية. ويعد مبدأ المسؤولية الاجتماعية جزءا مهما وأساسا ثابتا في تعاليم ديننا الحنيف، وأنه مكون تراثي عتيق في ثقافة وتقاليد أهل المملكة، وبات واجبا من الدرجة الأولى على الشركات وأصحاب العمل أن تجعلها من أوليات أنشطتها الموجهة نحو المجتمع، من أجل الرقي بأفراده وتلبية احتياجاته وتوفير حقه في التمتع بالتنمية المستدامة. وتتضاعف حاجتنا إلى المسؤولية الاجتماعية لدعم وتعزيز جهود الدولة في التنمية المجتمعية وتحقيق الشراكة الفاعلة، من أجل تحسين مستوى المعيشة وتفعيل واستصحاب المبادرات المجتمعية التي تصب في المصلحة الوطنية، بطريقة تثري الاقتصاد وتنمي الفرد في آن واحد. المساهمات الفاعلة التي تقوم بها الشركات والمؤسسات في إطار مسؤوليتها الاجتماعية، يجب ألا تنفصم بأي حال من الأحوال عن النهضة الشاملة التي تقودها الدولة، بل تسير جنبا إلى جنب لمساندة البرامج الحكومية التي تهتم بتحقيق التنمية المستدامة لمجتمعنا أفرادا وجماعات أو فئات تمثل أيا من القطاعات الفاعلة. ونحمد الله تعالى أن المسؤولية الاجتماعية باتت تطمح إليها كافة المؤسسات الحكومية والخاصة، والكل يحاول نشر ثقافتها أولاً في أوساط موظفيه والقائمين عليها، قبل العمل على طرح برامج ومبادرات فاعلة لمصلحة فئات المجتمع، كما أنها باتت لا تقتصر على جهود طوعية ضئيلة، بل مشاريع عملاقة تستهدف قطاعات واسعة من الأفراد والجماعات بما يحقق الاستفادة القصوى والأثر المستدام على المستقبل البعيد. وتبدو الحاجة ملحة لتعزيز مشاريع المسؤولية الاجتماعية ومضاعفتها، دعما لصمود الدولة ومواجهتها للمحاولات اليائسة التي تقودها الميليشيات في الحد الجنوبي ودعم صمود أبنائنا في القطاعات العسكرية المختلفة، لنؤكد مجددا وقوفنا في خندق واحد في كل ما يخص أمن هذا البلد الطاهر ومصلحة مواطنيه. وتولي حكومة خادم الحرمين الشريفين اهتماما كبيرا بدعم ومساندة مبادرات المسؤولية الاجتماعية ورعايتها، بإقامة شراكات دائمة بين منشآت القطاع الخاص ومؤسسات الدولة، بما يسهم في ترسيخ دعائم التنمية وتوسيع دائرتها لتشمل كافة القطاعات، فضلا عن إيجاد آلية من التكامل والتنسيق بين الجهات الفاعلة، تعظيما لدورها في خدمة المجتمع المحلي. من هنا يتوجب علينا أن نبذل جهدا أكبر لنشر ثقافة المسؤولية الاجتماعية وابتكار مشاريع وبرامج أكثر فاعلية، لدعم ومؤازرة جهود الدولة الجبارة لتحقيق التنمية المجتمعية ومواجهة أي تحديات أخرى، وذلك تماشيا مع مبدأ "كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته".