إنجاز جديد يُجير لحساب السياسة السعودية، إذ استطاعت إنهاء اللعبة الدولية التي توظف الإرهاب بدلا من محاربته، وذلك خلال إعلانها عن تأسيس التحالف الإسلامي للتصدي للإرهاب، والذي ضم أكثر من 34 دولة، وتأييد 10 دول أخرى، باعتباره أكبر تحالف إسلامي يقوده بلد إسلامي منذ معاهدة سايكس بيكو التي أدت إلى تقسيم الدول الإسلامية حدودا وفكرا، ويعد انتصارا حقيقيا يقطع الطريق على جميع التحالفات الدولية التي تسعى إلى توظيف ورقة الإرهاب في سبيل تحقيق مصالحها الاقتصادية على حساب شعوب ودول العالم الإسلامي. المتابع للساحة السياسية الخارجية الدولية والإقليمية، يدرك تماما النقلة النوعية في السياسة الخارجية السعودية في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، حفظه الله، والمنفتحة على جميع دول العالم، وتحقيق دورها الإقليمي المنوط بها في إرساء الأمن والاستقرار الدوليين لكل شعوب ودول العالم الإسلامي التي أصبحت مهددة بخطر التنظيمات الإرهابية، وبات ابتزازها من الدول العظمى أمرا حتميا بحجة حماية مصالح تلك الدول من الإرهاب. وما يهمنا هنا، هو أن المملكة العربية السعودية غيرت أوراق اللعبة السياسية الدولية بهذا التحالف الإسلامي الضخم، واستعادت مكانتها الدولية كقوة إقليمية لا يمكن تجاهلها بين دول المنطقة المؤثرة والفاعلة، خصوصا في ظل التقارب الأميركي الإيراني، والذي عززه دخول الدب الروسي على خط المواجهة ضد الإرهاب كما هو الحال في سورية اليوم. وبهذا الإنجاز التاريخي للسياسة السعودية، سيتم تحجيم السياسة الإيرانية، وشل تدخلها السافر في الشؤون الداخلية لمعظم دول العالم الإسلامي، وكذلك كبح أطماع الدول التي تعتمد في اقتصادها على استنزاف خيرات ومقدرات الدول الإسلامية، بحجة محاربة الإرهاب، خلال غرفة عمليات مشتركة تضم جميع الدول المتضررة من الإرهاب على مرأى ومسمع من جميع دول العالم ومنظمات حقوق الإنسان، بعيدا عن دهاليز المؤامرات والتحالفات السرية التي تقودها وتمارسها بعض الدول كنهج سياسي لتحقيق مصالحها. هذا التجدد والتأقلم مع المتغيرات يدل على وعي وإدراك القيادة السعودية بالسياسة العالمية القائمة حاليا على احترام الدول القوية فقط، والتي في نظرهم من تمتلك القرار السياسي والتأثير الاقتصادي.