مضى ربع قرن على جرح الكويت، ومع ذلك لا تزال تسترجع الذكريات الأليمة بفرح التحرير ليبقى التاريخ حاضرا في أذهان الأجيال، فالكويتيون يستذكرون ألم احتلال بلادهم الماضي، مع واقع احتلال جارهم، الذي بغى عليها قبل ربع قرن، ويستذكرون عدم قدرة الجامعة العربية على الدفاع عن بلادهم، بحجة "عدم الإجماع" في التصويت على القضية، مشيرين إلى أن على دول الخليج أن تعتمد على قدراتها التي كشفت عنها في عاصفة الحزم، في الدفاع عن نفسها وعن جيرانها، كما يقول الخبير العسكري الدكتور فهد الشليمي، بينما ينظر رئيس تحرير "السياسة" الكويتية أحمد الجار الله إلى انقلاب المعادلة بتحول المحتل إلى دولة تعاني تداعيات الاحتلال. ورغم مرور 10 سنوات على رحيل الملك فهد بن عبدالعزيز، إلا أن كلماته حضرت عنوانا رئيسيا لاحتفالات الكويت في ذكرى التحرير بعد 25 عاما، من الغزو العراقي عام 1990. تغير المعادلة ويقول رئيس تحرير صحيفة السياسة الكويتية أحمد الجار الله في تصريحات إلى "الوطن"، إن الثاني من أغسطس ذكرى شؤم على الكويتيين، لم يستطيعوا نسيانها، رغم مرور ربع قرن، مضيفا أنها أصبحت ذكرى، وقد تحول الحال فأصبح المُحتل يعاني تداعيات الاحتلال، فأصبحنا نطلب الرجاء للعراق الذي يمر بأسوأ مراحل تاريخه، بعدما كان يحاول أن يزيل دولة ويغير علمها وعملتها، العراق في الماضي احتل دولة الكويت بعدوان، واليوم يقع العراق تحت الاحتلال الإيراني. وأشار الجار الله إلى أن الكويت بلد تعايش، فقد تعايشت مع العراق، مضيفا أن الحكومة العراقية قدمت الشكر قبل أيام للحكومة الكويتية على تمديدها فترة السماح بتسديد تعويضات الغزو. كما أكد الجارالله أن بلاده لن تنسى دور المملكة العربية السعودية في تحريرها، واحتضان أهلها، مشيرا إلى أن المملكة العربية السعودية حاضرة في كل احتفالات الكويت بذكرى التحرير، مستذكرا احتضان الرياض الشعب الكويتي، مشيرا إلى أنه أصدر جريدة السياسة من السعودية أثناء الغزو لتغطية الغزو. وقفة الأشقاء من جانبه، أكد الخبير العسكري الدكتور فهد الشليمي ل"الوطن" أن الثاني من أغسطس يمثل جرحا كبيرا في النفسية الكويتية والخليجية، واصفا تلك الذكرى بأنها "إثبات فشل الوطن العربي في حماية نفسه"، معتبرا أنه يجب أن يتعلم من تلك الحادثة، بحيث يكون للجامعة العربية أنياب لتدافع عن العرب، واصفا نظامها بالفاشل، إذا بقي يعتمد على طريقة التصويت بالإجماع في مناقشة القضايا، مطالبا بأن تغير الجامعة العربية نظامها بإلغاء نظام الإجماع والاعتماد على نظام الأغلبية في التصويت على قضايا العرب المهمة. وقال الشليمي: "تلك الحادثة الأليمة تثبت أنه على دول الخليج أن تعتمد على قدراتها، كما فعلت في عاصفة الحزم التي كشفت قدراتها في الدفاع عن نفسها وجيرانها". كلمات باقية ويستذكر الشليمي شهداء الكويت رجالا ونساء، الذين ضحوا بأرواحهم من أجل الوطن، كما يستذكر مواقف دول الخليج المشرفة، وعلى رأسها السعودية في الوقوف مع الكويت ضد الظلم، مشيرا إلى أن المملكة سخرت كل إمكاناتها وأراضيها لتحرير الكويت، وأن كلمات الملك الراحل فهد بن عبدالعزيز كانت صورة من صور التلاحم التي تجسدها دول الخليج فيما بينها، حيث قال "إما أن تبقى الكويت والسعودية معا، أو تزولا معا". وأشار إلى أن الكويت تجاوزت الخصومة مع العراق، وتعايشت معه، إلا أن الجرح باق، بدليل أنه لا يزال يسمى الغزو العراقي، متمنيا أن تعود بغداد إلى الحضن العربي. وذكر الشليمي أن القيادة العراقية الحالية مغلوبة على أمرها، وأن بعض أفراد الحكومة العراقية الحالية كانوا أعضاء فاعلين في الحرس الثوري الإيراني إبان الحرب العراقية الإيرانية.