وسط اهتمام اقليمي وعالمي بمعالجة ما تبقى من افرازات العدوان العراقي الغادر على الكويت حلت امس الذكرى الثانية عشرة لتحرير الكويت من ذلك العدوان الذي جسد كل معاني الغدر والخيانة والعقوق والتنكر لقيم الأخوة في الدين واللغة والجوار,, وهو العدوان الذي جر به صدام حسين على العراق وشعبه الصابر كل ألوان المعاناة الناجمة عن رفضه المباشر وغير المباشر لتنفيذ قرارات مجلس الأمن الدولي التي تم بموجبها وقف اطلاق النار في 27 فبراير 1991م بعد دحر قواته وتحرير الكويت. ففي الساعات الاولى من فجر الثاني من اغسطس 1990 ارتكب العراق جريمة الغدر والخيانة البشعة بغزوه الكويت التي لم تكن تتوقع في يوم من الايام ان يطعنها العراق في الظهر . باغت الغزو الكويتيين وهز العالم واحدث شرخا في العالم العربي ما زالت آثاره تستعصى على العلاج. في ذلك اليوم دافع الكويتيون بشراسة عن وطنهم وعرضهم واستبسلوا في الدفاع متصدين للغزو الجبان.وانتقل الشيخ جابر الاحمد الصباح امير الكويت والحكومة الكويتية الى بلده الثاني المملكة العربية السعودية ليقود المعركة مدعوما ومسنودا بأخيه الملك فهد بن عبدالعزيز وسمو ولي عهده الامين وجميع السعوديين حكومة وشعبا واضعين كل امكانياتهم وانفسهم رهن تصرف اخوانهم الكويتيين لصد الغزو وتحرير الكويت. دانت دول العالم والمنظمات الدولية والاقليمية الغزو لكن المملكة العربية السعودية لم تكتف بالادانة بل تحركت من الوهلة الاولي وقادت جهود المجتمع الدولي لتحرير الكويت وطرد الغزاة . فقد جسد الغزو كل معاني الغدر والخيانة والعقوق والتنكر لقيم الأخوة في الدين واللغة والجوار وهو ما لا تقبله المملكة ولا تسمح به او تسكت عليه انطلاقا من قيمها وعقيدتها ومبادئها التي قامت عليها. كانت الوقفة التي وقفتها المملكة بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز وجسدها قراره التاريخي الحازم والسريع بالتصدي للعدوان والوقوف بجانب الكويت الشقيق وابنائه في خندق واحد حتى يتم تحرير كل شبر من ارض الكويت اثره البالغ في تحديد مسار الاحداث فيما بعد. وقد تحقق كل ذلك بارادة قوية صارمة. قرار خادم الحرمين الشريفين بالتصدي للعدوان جعل المجتمع الدولي يتخذ قراره بتجاوب سريع وحسم الدول العربية الرئيسية موقفها لمواجهة الاحتلال. لقد برزت حكمة خادم الحرمين الشريفين وبعد نظره في معالجة الوضع الحرج وادراك ابعاده الاستراتيجية من حيث اعادة صياغة العلاقات الاقليمية والدولية وما يجب ان تكون عليه مواقف المجتمع الدولي عندما يقع عدوان سافر ينتهك معاني العدل والكرامة والحرية وينتهك الاعراض وكل القيم النبيلة ومع ذكرى هذا العدوان وافرازاته السلبية على الواقع العربي يتذكر المجتمع الدولي أيضا الوقفة الشجاعة التي وقفتها المملكة بقيادة خادم الحرمين الشريفين. فإلى جانب استضافة المواطنين الكويتيين الذين شردهم الغزو وتسابق المواطنين السعوديين لاستضافتهم في بيوتهم اقيمت المعسكرات في كل مدينة وفتحت المدارس لايوائهم مؤقتا الى حين العودة الى بلادهم. كان العمل العسكري يسير جنبا الى جنب مع العمل الانساني فقد وضعت القوات السعودية برا وبحرا وجوا على اهبة الاستعداد ثم خاضت معارك التحرير ابتداء من معركة الخفجي الشهيرة التي استبسل فيها الجندي السعودي الى حين دخول الكويت وطرد الغزاة وتلاحم القوات السعودية التي كانت في مقدمة قوات التحالف مع القوات الكويتية والمواطنين الكويتيين في شوارع الكويت. لقد كانت معركة التحرير بحق معركة الخندق الواحد ضد العدوان وكانت التسهيلات والدعم الذي وجدته القوات الصديقة والحليفة في سبيل تحرير الكويت يتم وفق خطط مدروسة واستراتيجية مرتبة بعناية وادراك ضمن اطار ومهمة حددها خادم الحرمين الشريفين من اليوم الاول. ان الغزو العراقى لدولة الكويت قبل 12 عاما ومعركة التحرير ستظلان حدثا مليئا بالعبر والدروس التي لا يمكن محوها من ذاكرة الشعب الكويتي وذاكرة الامتين العربية والاسلامية والتاريخ. لقد تمكن الشعب الكويتى بالرغم من حجم تلك الكارثة من مواجهتها والخروج منها اكثر قوة وصلابة والتفافا حول قيادته برئاسة سمو امير الكويت الشيخ جابر الاحمد الجابر الصباح. لقد احدث الغزو العراقى للكويت شرخا عميقا فى وجدان الامتين العربية والاسلامية التى لا تزال تعانى آثار ذلك الحدث الرهيب وتداعياته السلبية في مختلف المجالات. وبعد اثنتي عشرة سنة مازال العراق يرفض اعادة الاسرى والمفقودين الكويتيين وارجاع الممتلكات الكويتية التى استولى عليها خلال فترة الغزو والاحتلال ومنها ارشيف الدولة الكويتية. والمعروف ان الغزو العراقي قد الحق بالكويت كارثة لا يصدقها اي عقل اذ دمر البنية التحتية اضافة الى قتل المئات من الابرياء وحرق حوالي 700 بئر نفطية اعتبرت اكبر كارثة بيئية في تاريخ البشرية .