يستذكر الكويتيون في هذه الأيام محنة الغزو العراقي للبلاد عام 1990 بكل ما حملته من آلام وتضحيات تكللت بالتحرير وعودة الشرعية إلى أهلها، وتبرز وسائل الإعلام الكويتي دور الملك الراحل فهد بن عبدالعزيز في اتخاذ موقف المملكة ضد العدوان العراقي آنذاك. وأكدت وكالة الأنباء الكويتية في تقرير لها أمس، أن الملك الراحل فهد بن عبدالعزيز، كان وفياً مع الكويت وشعبها، إذ قام - رحمه الله - بدور بارز في دعم حرب التحرير وتأييد الحق الكويتي في استعادة الأرض ونيل الحرية. وأشارت إلى أن الكويت لا يمكن أن تنسى الجهود البارزة التي بذلها الملك فهد في مراحل ما قبل الغزو وخلاله وما بعد التحرير، وكانت مقولته الشهيرة «الكويت والسعودية بلد واحد.. نعيش سوا أو نموت سوا» خير دليل على مدى إيمانه بالكويت دولة في الخليج العربي والمنطقة. وآنذاك حرص الملك الراحل على احتواء الأزمة الحادة التي افتعلها النظام العراقي تجاه الكويت وقاد سلسلة من الاتصالات والمشاورات والتحركات الديبلوماسية لإيجاد مخرج سلمي يحفظ أمن المنطقة. ودعا إلى اجتماع بين الجانبين تستضيفه السعودية، فتم اللقاء بين ولي العهد الكويتي آنذاك الشيخ سعد العبدالله رحمه الله، ورئيس وفد النظام العراقي عزت الدوري، في 31 تموز (يوليو) عام 1990 بمدينة جدة. وبذل الملك فهد خلال الاجتماع جهوداً حثيثة لإنجاح اللقاء بهدف حل الأزمة، لأن خطورة فشله ستكون كارثية، وهو ما حصل حين أصر النظام العراقي على ادعاءاته ضد الكويت وبدأ غزوه الغاشم للأراضي الكويتية في الثاني من آب (أغسطس) 1990. وبعد وقوع محنة الغزو أعلن الملك فهد رحمه الله رفض بلاده الاحتلال العراقي، وأبدى دعم المملكة لأي تحرك يهدف إلى تحرير الكويت، وفي الخامس من أغسطس 1990 التقى الأمير الراحل الشيخ جابر الأحمد الجابر الصباح والملك فهد بن عبدالعزيز رحمهما الله في جدة، وبحثا في أسلوب التحرك إزاء العدوان على الكويت. ومع ذلك أجرى الملك فهد اتصالات واسعة مع مختلف الأطراف العربية والإسلامية أملاً في إيجاد حل للقضية لكي ينأى بها عن أي تدخل أجنبي. لكن رفض النظام العراقي لكل الدعوات من جهة، وتهديده المملكة من جهة أخرى، دفعت بالملك فهد إلى إعلان انضمام السعودية طرفاً في قوات التحالف الهادفة إلى تحرير دولة الكويت من الاحتلال. واقترنت مشاركة السعودية في حرب تحرير الكويت بدعوات الملك الراحل المتكررة للنظام العراقي بضرورة الانسحاب الكامل من الأراضي الكويتية، والاستجابة لقرارات مجلس الأمن الدولي ذات الصلة. وإضافة إلى الدور العسكري واللوجستي والسياسي للمملكة، حرص العاهل الراحل فهد على أن تكون بلاده في خدمة المواطنين الكويتيين والاهتمام بهم وتقديم العون والخدمات كافة لهم ولأبنائهم. واستقطبت المملكة خلال تلك الفترة الشرعية الكويتية، ممثلة بالقيادة الكويتية ومختلف الكتل السياسية والاجتماعية، واتخذت الحكومة الكويتية من الطائف مقراً موقتاً لها، وكانت كل تلك الجهود السعودية تأكيداً كبيراً أن الكويت دولة موجودة على رغم كل محاولات قوات الغزو إظهارها بخلاف ذلك. ولدى إعلان انتهاء حرب التحرير وعودة الحق الكويتي إلى أهله في شباط (فبراير) 1991 كان الملك فهد بن عبدالعزيز رحمه الله أول المهنئين لدولة الكويت قيادة وحكومة وشعباً. وحظي الملك الراحل بمكانة رفيعة لدى أهل الكويت لموقفه ودوره خلال محنة الغزو العراقي الغاشم، حين جعل من المملكة سكناً لكل العائلات الكويتية ورعايتها رعاية شاملة. ولا يزال أهل الكويت يستذكرون كلماته الشهيرة تجاه الكويت، ومنها: «الكويت في قلبي وفي قلوب جميع الشعب السعودي». والملك الراحل فهد بن عبدالعزيز رحمه الله هو خامس ملوك المملكة العربية السعودية، وأولهم اتخاذاً للقب خادم الحرمين الشريفين، وتولى مقاليد الحكم في ال13 من حزيران (يونيو) 1982 بعد وفاة أخيه الملك خالد. وشهدت فترة حكمه كثيراً من الأحداث، فإضافة إلى معاصرته فترة احتلال العراق للكويت عام 1990 وحرب التحرير، واجه الملك تحديات بارزة أخرى، مثل تهديد العراق بغزو الأراضي السعودية، واندلاع الحرب العراقية الإيرانية، واجتياح الإسرائيليين لبنان.