أكد باحث سعودي متخصص في البرامج التدريبية وتطوير الذات أن التنازل هو المفهوم السلبي للتعايش، وبالأخص حينما تكون هناك تنازلات في العقيدة، فتلك تعد مرفوضة، مبينا أن المفهوم الإيجابي ل"التعايش" هو التوصل لمستويات أخلاقية في الحوار والاتفاق على أسس العيش والتصالح، وتقدير الاختلاف والاعتراف به وبالتعددية، مشددا على أن دراسات ميدانية وبحثية أثبتت أن التواصل المتين والحوار الدائم في إطار العلاقات الاجتماعية التي تربط ما بين السكان هما السبب في التمتع بالصحة الجيدة. وأشار الباحث عبدالمنعم الحسين، خلال محاضرة بعنوان "التعايش الإنساني" مساء الثلاثاء الماضي، نظمها مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني في الأحساء، إلى أن الواقع المعاصر والفتن والظروف السياسية والاقتصادية، وواقع الاختلافات والتنوع الحاصل داخل البلدان دينيا ومذهبيا، ووجود المشاحنات بين المسلمين وغيرهم وبين المسلمين وأنفسهم، وتزايد ثقافة التطرف والإقصاء والإرهاب، وتوضيح معالم التعايش في القرآن الكريم والسيرة وتعزيز قيم التعايش في المجتمع، وراء موضوع هذه المحاضرة. وذكر أن التعايش هو نوع من التعاون الذي يبنى بالثقة والاحترام ويهدف إلى إيجاد أرضية تتفق عليها الأطراف المختلفة، ويتم عن طريق الاقتناع الداخلي والرضا والاختيار الكامل، وتفهم الفرد والفئة الاجتماعية بأنه بالإمكان أن يوجد معه في المجتمع أفراد أو مجموعات مختلفين معه في الرأي، ويختلفون عنه في رؤيتهم في الحياة، ويتقبلهم ويحترم رأيهم ويعترف لهم بحقوقهم كاملة، مشددا على ضرورة أن يكون هذا التقبل ليس جبريا، لافتا إلى أن التعايش هو قبول التصالح الدنيوي والوجود والحوار والاتفاق على جملة من الأخلاق الإنسانية التي تتيح فرصة لتبادل الحوار والإقناع. وأبان أن من بين صفات المتعايش محبة الخير للناس جميعا، والعدل وكره الظلم، مصلح، آمر بالمعروف والخير، وناه عن المنكر والشر، حريص على دفع الباطل بالحق والجهل بالعلم، عارف بموقعه، معتدل في رؤيته للإصلاح، مستعرضا فوائد التعايش التي من بينها السلام والأمن والإنتاجية ونشر قيم الخير وتيسير سبل الدعوة ونشر الهدى والصلاح وتوحيد الجهود ضد عدو أخطر، وانتشار المبادئ والأخلاق الأكثر إقناعا وجاذبية كالمساواة والعدالة والصدق والأمانة والوفاء، علاوة على استفادة كل فريق من خبرات وتجارب الفريق الآخر في كل مناحي الحياة، وتنمية وتعزيز القواسم المشتركة بين الفرقاء جميعا، وازدهار العلوم والفنون المختلفة بتلاقح الحضارات وإثراء بعضها للبعض الآخر، وسرعة التطور العلمي والتكنولوجي لما فيه مصلحة الإنسانية، وتكامل الموارد الاقتصادية بتبادل السلع والخدمات، وحرية التنقل والتملك. وأضاف أن من بين منطلقات وأسس التعايش أن الناس لا يمكن أن يكونوا متشابهين، فمن الضروري احترام المعتقدات لكل طرف، والعمل على إرساء التعاون والتشارك، واحترام المبادئ الإنسانية العامة وأن يعذر بعضنا بعضا، والوقوف بحزم ضد أي محاولات فردية متطرفة لا تمثل رأي الجميع، وتعزيز التعايش بالاحترام المتبادل والتعاون في تحقيق الأهداف المشتركة.