إن الانخفاض السابق في أسعار النفط أو الارتفاع الطفيف أخيرا إذا كان بسبب وفرة المعروض في السوق العالمية فهذا يعطي دفعة للإنفاق في اقتصادات الدول الكبرى، أما إذا كان الانخفاض نابعا من ضعف الطلب العالمي، فهذا مثير للقلق وبالتالي سيؤدي إلى هبوط الأسعار بشكل أكبر من الأسعار الحالية، وأن هناك هدفا سعريا سلبيا مرصودا للنفط يصل إلى أقل من 40 دولارا. وإذا كان الانخفاض بسبب الديون المالية التي تعاني منها بعض الدول المستوردة للنفط، فهذا سينعكس سلبا على دفع عجلة النمو، فعلى سبيل المثال ستصبح الصين المستفيد الأكبر من التهاوي الحاصل فكل دولار يوفر 2.1 مليار دولار سنويا، وفي حال استمرار هذه الأسعار إلى نهاية عام 2015 بنفس السعر الحالي فهذا ينبئ عن توفير ما يقارب 126 مليار دولار للصين عام 2015، إضافة إلى أن الصين لن تتأثر أسعار صادراتها بانخفاض أسعار النفط بشكل كبير. أما أميركا فأي انخفاض للأسعار يعني احتفاظها بمزيد من الأموال، وبالتالي زيادة الإنفاق في الداخل الأميركي، وكل 20% انخفاض في أسعار النفط سيحسن الأرصدة المالية العامة لدول مثل مصر والأردن بنسبة 1% من إجمالي الناتج المحلي، وسيؤثر انخفاض الأسعار على دولة مثل روسيا إلى زيادة الانكماش إلى ما يصل 4.8%، وبالتالي فالسعودية التي تملك خمس الاحتياط العالمي من النفط التقليدي لن تتأثر كثيرا بتذبذب الأسعار، وربما نشاهد سوق الأسهم يعاكس انحدار أسعار النفط. إن الارتفاع الأخير كان متوقعا، وإن استمرار متوسط الأسعار بالمستوى السابق عند 45 دولارا أو أقل دون تخفيض الإنتاج أو احتساب الإيرادات الأخرى للسعودية قد يجعل العجز يصل إلى 260 مليار ريال للعام الحالي 1436 / 2015، ومع ارتداد سعر النفط الذي صدق التوقعات وعبر حاجز 50 دولارا، فسيتقلص هذا الرقم كثيرا بناء على السعر الذي سيسجله قبل نهاية العام الحالي، أي أن الرقم سيمضي في تناقص. وحول تأثير استمرار الإنفاق من ميزانية الطوارئ، فإن مدخرات الصندوق السيادي تعطي المملكة مجالا للتحرك المرن كونها تمتلك احتياطا عاما من الأصول يقدر ب2.8 ترليون ريال أي ما يزيد عن الإنفاق الحالي لعام 2015 لأكثر من ثلاث سنوات، وأن السعودية ادخرت أكثر مما أنفقت عندما كان النفط أعلى من المئة دولار، وهذا ما أسهم في تسديد الالتزامات وبالتالي ادخار الفائض، وكل ذلك بفضل الجهود والخطط الحكيمة، وأن المملكة يمكنها تمويل أي عجز، لا قدر الله، حتى تعافي أسعار النفط والعودة مجددا فوق حاجز المئة دولار.