محمد عبدالعزيز العامر- عضو مجلس منطقة عسير تابعت تغطية قناة cnn الأميركية للحادثين الإرهابيين اللذين وقعا الأسبوع الماضي في كندا. هذا البلد الهادئ الذي يعد من أقل بلدان العالم في نسب الجريمة، والذي يبلغ عدد سكانه قرابة 30 مليون نسمة يشكل المهاجرون ما نسبته 70% من إجمالي عدد السكان ويعيش ما يقارب المليون مسلم على أرضه يتمتعون بكامل حقوقهم، ومنها حق حرية ممارسة العبادة. لكن؛ في الأسبوع الماضي كدر هذا الهدوء وهذا التعايش السلمي بين الأديان والأعراق حادثان إرهابيان، وقع الأول في مقاطعة كوبيك الناطقة بالفرنسية وتحديدا في مونتريال، حين أقدم أحد معتنقي الإسلام حديثا بدهس جنديين كنديين فقتل أحدهما وجرح الآخر! وفي اليوم الثاني قام أيضا أحد زملائه ممن اعتنق الإسلام حديثا بمهاجمة مبنى البرلمان الكندي في مقاطعة أونتاريو في العاصمة أوتاوا، فأطلق النار بكثافة على مبنى البرلمان الذي كان أعضاؤه في حالة انعقاد، فأردى أحد الحرس قتيلا وجرح بعضا من الموجودين هناك وقد قتل هو أيضا أثناء الاشتباك. لكن الملفت في هذين الحادثين هو أن الشخصين اللذين قاما بهذا العمل الإرهابي كانا من معتنقي الإسلام حديثا، وكانا من مدمني المخدرات، بل إنهما -حسب التقرير التلفزيوني- لازالا يتعاطيان المخدرات، ومن الملاحظ أن هذه الظاهرة أصبحت ظاهرة مشتركة بين معظم الأوروبيين الذين انضموا إلى "داعش" -دولة الخلافة-!!! فغالبيتهم تعاني آفة الإدمان ومن أرباب السوابق ولديهم سجل إجرامي، وسبق أن عانوا من اعتلالات نفسية، ويميلون إلى العنف. لقد كشفت بعض التقارير الاستخباراتية أن من يقومون الآن بجز الرقاب في سورية والعراق قد أتوا من أوروبا، وهذا الأمر أيضا ينطبق على الملتحقين ب"القاعدة" و"داعش" من الوطن العربي والعالم الإسلامي وغير ذلك من البلدان، فغالبية هؤلاء المتطرفين يعانون إدمان المخدرات والاعتلالات النفسية والسوابق، وأنا هنا أتساءل: لماذا تكثف المراكز الإسلامية في أوروبا وأميركا وغيرها جهودها لاستقطاب مثل هؤلاء المعتوهين من نزلاء السجون والمهمشين الذين يعانون من اضطرابات نفسية وأمراض عقلية؟ وهل سبب دخولهم إلى الإسلام هو أنهم وجدوا في السلفية الجهادية متنفسا أتاح لهم إشباع غريزة العنف التي تتسم بها شخصياتهم؛ حيث أصبح العنف جزءا من تركيبتهم النفسية؟ الحقيقة أن هذه الجماعات أساءت وبشكل كبير للإسلام والمسلمين، فأصبح اسم الإسلام والمسلمين مرتبطا بالعنف والقتل، فارتفعت نسبة الإسلاموفوبيا لدى الكثير المجتمعات بسبب ما يقوم به هؤلاء وغيرهم من معتنقي السلفية الجهادية وما تتسم به من عنف ودموية لم يشهد لها العالم مثيلا. سؤال آخر: هل دعوة مثل هؤلاء المرضى ذوي السوابق للإسلام تعود بالفائدة علينا نحن المسلمين أم أنها تسيء لنا ولسمعتنا ولهذا الدين؟ ولماذا لا توجه جهود تلك المراكز الإسلامية في أوروبا وأميركا وغيرها من البلدان لاستقطاب العقول المؤثرة ذات التعليم العالي والتي تحظى بحضور جيد في مجتمعاتها، والتي قد يستفاد منها في إيصال رسالة الإسلام الصحيحة؟ من وجهة نظري الشخصية أرى أنه يجب على الإخوة القائمين على تلك المراكز مراجعة استراتيجيتهم الدعوية، والحقيقة أننا في غنى عن دعوة هؤلاء المهووسين الذين أساؤوا كثيرا لنا ولديننا.