قالت الكاتبة الروائية السورية سمر يزبك، إن "الجهاديين" في بلادها هم سجناء صنعهم النظام السوري. وإن "الجهاديين، أعرفهم جيدا وتكلمت معهم على مدى عام كامل على خط الجبهة حيث جمعت شهادات غذت "تقاطع نيران"، بعضهم قالوا لي حتى أنهم كانوا في السجن في بلادي وأن بشار أطلق سراحهم في أبريل 2011". وأبدت يزبك قناعتها الراسخة بأن الجهاديين "أبناء سياسة" بشار الأسد. وتقول "إنه القاتل الأول في البلد" وتشير بهذا الصدد إلى عمليات القصف المتواصلة التي شنها الطيران السوري ضد الشعب معلقة "في القرى الشمالية يدفعكم هذا إلى الجنون، لا يسعكم القيام بأي شيء حيال الوضع". وتابعت يزبك التي تعتبر من رموز المعارضة ضد الرئيس بشار الأسد والتي اضطرت للجوء إلى فرنسا حين وجدت نفسها عالقة "بين وحشين"، أنها تقف اليوم "عند بوابات العدم"، وهي تشاهد كسواها من اللاجئين بلادها تتخبط وتغرق في الوحشية الجهادية بعد أربع سنوات من أعمال التدمير التي نفذها النظام سعيا للتغلب على المقاومة، وسلاحها الوحيد في معركتها هو قلمها الصريح الذي لا يتراجع عن تسمية الأمور بوضوح. ولم تعدل المثقفة والصحافية والروائية البالغة من العمر 44 عاما عن العودة إلى سورية سوى هذه السنة، وهي العلوية الملتزمة ضد معسكرها. عند وصولها إلى باريس مع ابنتها في 13 يوليو 2011، كانت على ثقة بأن إقامتها هناك لن تستمر سوى شهرين أو ثلاثة، تعود بعدها إلى ديارها مع سقوط بشار الأسد الذي كان الجميع يظنه وشيكا. كتبت عام 2011 "مغادرة سورية تعني الموت، ولا شيء غير الموت". ولكنها اليوم وبالرغم من معاناة المنفى التي لا تزال شاقة، مصممة على تعلم الفرنسية وبدء حياة جديدة بعيدا عن اللاذقية حيث أبصرت النور عام 1970. لا تزال في منفاها الفرنسي تهجس عنف سجون النظام التي "دعيت" إلى اختبارها على أمل أن تتخلى عن مناصرة قضية المتظاهرين المعارضين للنظام عام 2011، والوحشية الدموية لجهاديي تنظيم الدولة الإسلامية. تقول سمر يزبك خلال لقاء حول فنجان قهوة "أرادوا إخافتي لأنني كاتبة. كانت رسالتهم لي "إن أردت أن تكوني مقاومة تعالي لتري ما يمكن أن تعيشينه" مضيفة "رأيت رجالا باتوا أشبه بحيوانات ذنبهم الوحيد أنهم تظاهروا سلميا بكل بساطة في الشوارع. وفي الوقت نفسه أطلق النظام سراح إسلاميين متطرفين كانوا محتجزين منذ وقت طويل". تقول الروائية التي شهدت علنا على إقامتها القصيرة في سجون النظام السوري "أنا وأمثالي نعيش بين وحشين". وتضيف "لا أستسلم للحزن، ولا أستسلم للغضب، وإلا فلن يعود بوسعي أن أكتب. أفعل ما ينبغي بي أن أفعله، أكتب، لكنني لست هنا حقا". حصد كتابها "تقاطع نيران. من يوميات الثورة السورية" الذي صدر بنسخته الفرنسية عن دار بوشيه-شاتيل وبنسخته الإنجليزية عن دار هاوس بابليشينج، اعترافا دوليا عام 2012 وحصل على جوائز أدبية معنية بالدفاع عن حرية التعبير والشجاعة (جائزة هارولد بينتر بن في بريطانيا، وجائزة بن أوكسفام في هولندا، وجائزة توشولسكي في السويد)، وهي جوائز كافأت من قبل كتابا أمثال سلمان رشدي وأمبرتو سافيانو. وأسست الكاتبة بأموال الجوائز جمعية تعنى بالنساء في الأرياف السورية أو في مخيمات اللاجئين في تركيا ولبنان مع التركيز على منحهن دروسا في المعلوماتية والإنجليزية والفرنسية ل"تلقينهن مقاومة ذهنية الجهاديين الرجعية". تضع سمر يزبك حول عنقها قلادة على شكل بوم فضي صغير هو "رمز الحكمة ما قبل الإسلامية"، وهي بنظرها تعويذة مفيدة تساعد على الاحتفاظ ب"الإيمان في العدالة للشعب السوري". تواصل استحضار الحرب والخوض في مواضيعها في رواية جديدة أنجزت كتابها للتو عنوانها الموقت "بوابات أرض العدم". تروي أنها فوجئت للغاية في باريس حين بادرها إسلامي في حيها أخذ عليها أنها بدون زوج وغير محجبة، فتتساءل بذهول "هل يعقل؟ هنا في فرنسا؟"