يتسبب الخلل في المناعة في العديد من الأمراض، حيث يقوم جهاز المناعة لأسباب غير معروفة بإنتاج كميات كبيرة من الأجسام المضادة، التى تهاجم أعضاء الجسم نفسه، ومن الأمراض التي تنتج عن ذلك "الذئبة الحمراء" التي تستهدف النساء أكثر من الرجال. يقول استشاري أمراض الباطنية والروماتيزم، ومدير الشؤون الأكاديمية والأبحاث الطبية في مستشفى عسير المركزي الدكتور الحسين عسيري إن "مرض الذئبة الحمراء مجموعة من الأعراض تصيب الإنسان بسبب خلل في الجهاز المناعي، الذي يتكون من مجموعة خلايا وأنسجة وظيفتها محاربة الجراثيم والبكتيريا، والأجسام الغريبة الداخلة إلى الجسم، ولكن بعض الناس يكون لديهم خلل غير معروف في الجهاز المناعي، فيبدأ في مهاجمة أعضاء الجسم نفسه بدلا من حمايتها، مما يسبب بعض التلف والضرر. وأضاف أن "الذئبة الحمراء من أمراض الروماتيزم المزمنة التي تصيب الإنسان، ويستمر معه طوال حياته، وتختلف شدته من إنسان إلى آخر، وتكون هناك نوبات نشاط للمرض وفترات يكون فيها خاملا، مشيرا إلى وجود نوع يصيب كامل الجسم يسمى "الذئبة الجهازية أو العامة". وأوضح الدكتور عسيري أن 90% من الإصابات بالذئبة الحمراء في النساء، بينما 10% فقط في الرجال، ويمكن أن يصيب الأطفال في أي سن، لكنه يحدث بشكل أكبر في النساء بين سن ال15 وال45 سنة. وعن أعراض المرض، يقول "تختلف حدة الأعراض من مريض إلى آخر، وهي ألم في العضلات وتورم في المفاصل، وارتفاع في درجة الحرارة، وضعف في الشهية، ويشعر المريض بضعف عام وقلة في الطاقة، والتعب عند القيام بمجهود بسيط، ويظهر على الوجه طفح جلدي يكون أحيانا عبر الخدود وجسر الأنف يسمى بالفراشة، وأحيانا يكون أحمر وقشريا، ويظهر على الوجه وفروة الرأس، والأذن، والأذرع، أو منطقة الصدر، ومن الأعراض أيضا تحسس الجلد للشمس، وحدوث تغييرات في لون الأصابع عند تعرضها للماء البارد أو برودة الجو، وتسمى ظاهرة "رينود"، وفقدان الوزن المفاجئ، وآلام في الرأس "صداع"، وزيادة مفرطة في سقوط الشعر، وألم في البطن، نتيجة التهاب الغشاء الذي يغطي الأمعاء". وأشار إلى أن "من الأعراض المتقدمة للمرض أيضا حدوث هوس عقلي، أو جلطة أو نزيف في المخ، أو صداع شديد لا ينفع معه المسكنات العادية للألم، ويمكن لمرض الذئبة أيضا أن يؤثر على خلايا الدم فيسبب أنيميا "هبوط في مستوى الهيموجلوبين" في الدم، وقد يؤدي أيضا إلى هبوط في عدد خلايا الدم الأخرى مثل كريات الدم البيضاء التي تقاوم الميكروبات" والصفائح الدموية التي تمنع نزيف الدم"، مشيرا إلى أن هذه الأعراض لا تحدث كلها في وقت واحد، وإنما تحدث في مراحل مختلفة من المرض. وعن أسباب المرض، قال استشاري الروماتيزم إن "السبب الحقيقي للذئبة مجهول، حيث لا يعلم لماذا هذا الشخص بذاته يصاب بالمرض دون غيره، ولكن توجد عدة عوامل قد يكون لها دور، منها عامل الوراثة، حيث وجد أن المرض قد يصيب أكثر من شخص في العائلة الواحدة، وعوامل هرمونية، حيث لوحظ أن المرض يؤثر على النساء، لذلك هناك علاقة بين الذئبة ونوع الهرمونات مثل هرمون الأستروجين، الذي يسمح للنساء أن يكن قادرات على الحمل والإنجاب، إضافة إلى عوامل خارجية أخرى، مثل تناول الشخص أدوية معينة، أو تعرضه للمرض بفيروسات معينة قد يكون لها دور بالإصابة بمرض الذئبة". وحول كيفية تشخص مرض الذئبة الحمراء، يقول الدكتور الحسين "لا بد من عمل تحاليل الدم، وبعض الإشعاعات التشخيصية عند الضرورة، والوصول إلى التشخيص الصحيح بسرعة مهم جدا لتحديد شدة المرض، ومدى تأثيره على الجسم، حيث يكون العلاج أفضل بشكل كبير عندما يبدأ مبكرا، وقد يحتاج الطبيب إلى أخذ عينة من البول تجمع على 24 ساعة لكي يفحص مستوى الزلال "البروتين"، ويشخص الطبيب المرض بدقة بفحص مركبات الحمض النووي في الدم وبعض الأدلة الأخرى، وبعد استبعاد الأمراض الأخرى المشابهة". وبين الدكتور عسيري أنه ليس هناك علاج نهائي يقضي على مرض الذئبة بشكل تام، لأنه من الأمراض المزمنة، والهدف الطبي وضع الأعراض تحت السيطرة باستخدام الأدوية المضادة للالتهاب والكورتيزون"، مشيرا إلى أن بعض المرضى لا يحتاجون إلى علاج إذا كانت أعراضهم بسيطة، مؤكدا أهمية أن يحصل المريض على التطعيمات المنتظمة ضد الأمراض المعدية.