لم يتوقف هجوم النظام السوري على المعارضة ووفدها المشارك في مفاوضات "جنيف 2" باستخدام كافة الألفاظ المتدنية عبر وسائل الإعلام، وإنما امتد إلى تكثيف قوات النظام القصف الجوي على مناطق تسيطر عليها المعارضة في أنحاء من سورية، مخلفا العديد من القتلى والجرحى. وبعبارات تتجاوز اللغة الديبلوماسية وأساليب الحوار المعتادة في المفاوضات السياسية، هاجم النظام السوري، وفد المعارضة الذي شارك في الجولة الأولى من المفاوضات التي اختتمت الجمعة الماضي. وذكرت وكالة الأنباء الرسمية (سانا)، أن نائب وزير الخارجية والمغتربين فيصل المقداد قال إن وفد المعارضة "لم يكن لديه أي حس وطني، بل كان عبارة عن مجموعة عملاء لقوى أخرى تحركه عن بعد". وأضاف أن الوفد الرسمي "لم يفاجأ بهذا المستوى المنحط، كان الوفد الآخر على قدر كبير من الانحطاط ومارس الكذب والدجل على الشعب السوري وعلى العالم كعادته التي يقوم بها منذ 3 سنوات". وقال كبير المفاوضين في الوفد، مندوب سورية الدائم لدى الأممالمتحدة بشار الجعفري، إن وفد المعارضة "جاء إلى جنيف بأفكار مسبقة مبنية على معطيات خاطئة ومنطلقة من الحقد الشخصي على الدولة". وأشار إلى أن الوفد الحكومي كان "أمام معارضة فجور سياسي كما هو مطلوب منها وليس أمام معارضة وطنية لها برنامج سياسي يخدم الشعب السوري"، عاداً أعضاء الوفد المعارض "يعانون من فقر فكري مدقع". ورأت إحدى الصحف المقربة من السلطات في عددها أمس "أن الحرب الآن لم تعد تنحصر في شقها العسكري، بل انتقلت إلى الميدان السياسي والدبلوماسي". يأتي ذلك، في وقت طالب فيه دبلوماسيون بعدم التوقف عند نتائج الجولة الأولى من مفاوضات "جنيف-2" ونتائجها الواهية، والاستعداد للجولة الثانية في العاشر من فبراير المقبل، فيما دعا مسؤولون بالأممالمتحدة إلى تشديد الضغط على دمشق للحصول على تسهيلات أفضل لإرسال المساعدات الإنسانية وتسريع عملية إزالة الأسلحة الكيميائية. ويجري حاليا إعداد مشروع قرار في مجلس الأمن للمطالبة بإمكانية وصول المساعدات الإنسانية إلى 3 ملايين مدني محاصرين في حمص وفي مدن أخرى، حسب دبلوماسيين غربيين. وفي الأممالمتحدة قامت دول عربية وأستراليا ولوكسمبورج بصياغة مشروعي قرار يمكن أن يجمعان في نص واحد لطرحه على مجلس الأمن الدولي، كما أوضح دبلوماسيون الذين أشاروا إلى أنه لن يتخذ أي قرار قبل عقد اجتماع روما حول الأزمة الإنسانية، لافتين إلى ضرورة التريث لرؤية ما إذا كان بإمكان موسكو أن تقنع حليفها السوري بفتح حمص أمام القوافل الإنسانية. وقال دبلوماسي إن "روسيا ليس لديها أي رغبة في تعطيل أي قرار إنساني"، بينما صرح وزير الخارجية البريطاني وليام هيج بأن "هناك أسبابا ملحة لاستئناف النقاش حول الأزمة الإنسانية بسورية في مجلس الأمن" الدولي. إلى ذلك، يشكل برنامج تدمير الأسلحة الكيميائية وسيلة ضغط أخرى على الرئيس بشار الأسد الذي تعهد بإزالة كل ترسانته بحلول نهاية يونيو تحت طائلة العقوبات، أو حتى اللجوء إلى القوة كما ذكر ذلك أخيرا وزير الخارجية الأميركي جون كيري. وعلى الصعيد العسكري، واصلت قوات النظام السوري أمس القصف الجوي على مناطق تسيطر عليها المعارضة في أنحاء سورية، حسبما أظهرت لقطات حملت على موقع للتواصل الاجتماعي على الإنترنت، وأظهرت اللقطات طائرة هليكوبتر عسكرية تسقط قنبلة فوق بلدة هنانو في محافظة حلب، ويسمع صوت أثناء التصوير يقول إن طائرات الهليكوبتر أسقطت 5 قنابل. وتظهر لقطات أخرى قصف منطقة طارق الباب في حلب أيضا، كذلك حطاما ناجما عن القصف في شارع ودخانا كثيفا يتصاعد من سيارات محترقة وحشودا تحمل جثثا مبعدة إياها عن المكان. ووفقا للمرصد السوري لحقوق الإنسان فإن 85 شخصا بينهم 65 مدنيا على الأقل قتلوا في قصف جوي بالبراميل المتفجرة على أحياء تسيطر عليها المعارضة في شرق مدينة حلب أول من أمس. وقال إن 34 شخصا بينهم 6 أطفال وسيدتان، قتلوا في قصف على حي طريق الباب، وقضى 31 شخصا آخرون بينهم 7 أطفال و6 سيدات، في قصف على أحياء عدة، منها الصالحين والأنصاري والمرجة، مبينا أنه قتل كذلك في القصف على الأحياء 10 رجال مجهولي الهوية، إضافة إلى 10 مقاتلين من جبهة النصرة "الذراع الرسمية لتنظيم القاعدة في سورية". وفي سياق آخر، أظهر شريط مصور لأحد الهواة على الإنترنت أول من أمس، مقاتلين في سورية لهم صلة بالقاعدة يقطعون رأس رجل بمحافظة حمص يعتقد أنه مقاتل مؤيد للنظام. وقال المرصد السوري الذي بث الشريط على الإنترنت، إن عملية قطع الرأس تلك نفذها تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام "داعش"، وسط تهليل حشد من الناس كانوا يضحكون ويلتقطون صورا لمشهد الذبح.