بدأ الجيش اللبناني أمس انتشاره في منطقة باب التبانة ذات الغالبية السنية بمدينة طرابلس في شمال لبنان، إثر أسبوع من المواجهات على خلفية النزاع السوري مع منطقة جبل محسن العلوية، راح ضحيتها 14 قتيلا. وأفاد شهود عيان أن عربات عسكرية توجهت صوب باب التبانة عند المدخل الشمالي لجهة جسر الملولة، مشيرين إلى أن دخول الآليات العسكرية ترافق مع سماع إطلاق رصاص قنص، قام الجيش بالرد على مصادرها. وأصيب عنصر من الجيش بجروح بسبب إطلاق الرصاص. وكان مصدر أمني لبناني أفاد في وقت سابق أمس أن الجيش "أكمل انتشاره في منطقة جبل محسن ويستعد لدخول باب التبانة، سعيا لإنهاء المواجهات" المستمرة بشكل متقطع منذ الاثنين الماضي. إلا أنه تعذر على الصحفيين الدخول إلى جبل محسن بسبب أعمال القنص والطرق المقطوعة بين المنطقتين. وفي شارع سورية الذي يفصل بين باب التبانة وجبل محسن، تجمع بعض الرجال لمراقبة انتشار الجيش. وقال مصطفى الحاج (69 عاما) "هذه مهزلة نراها للمرة ال 18"، في إشارة إلى جولات العنف بين المنطقتين منذ مايو 2008. وأضاف أن الجيش "يدخل كل مرة ويخرج. لا يوجد حل"، مشيرا إلى أن "400 عائلة أخلت شارع سورية في الأيام الثمانية الماضية، ومنها عائلتي" المؤلفة من زوجة وثلاثة أولاد. وتابع "نقيم حاليا في حديقة في طرابلس. ننام في العراء" بعدما تعرض منزله لضرر كبير جراء المواجهات. وإلى جانبه، قال رجل آخر، مفضلا عدم كشف اسمه، إن المشاكل بين باب التبانة وجبل محسن "لن تنتهي إلا بعبرا ثانية أو مخيم نهر بارد ثان في المنطقتين"، في إشارة إلى عمليتين عسكريتين شنهما الجيش في عبرا (جنوب) ومخيم نهر البارد للاجئين الفلسطينيين (شمال) للقضاء على مجموعات مسلحة. من جهة أخرى، أفاد المصدر الأمني بأن حصيلة المواجهات ارتفعت إلى 14 قتيلا "إثر مقتل عنصر في الجيش اللبناني أول من أمس برصاص قنص في جبل محسن"، مشيرا إلى أن الجندي "كان خارج خدمته الرسمية". والقتلى هم ستة من جبل محسن العلوية المؤيدة لنظام الرئيس السوري بشار الأسد، وثمانية من منطقة باب التبانة المتعاطفة مع المعارضة السورية. واندلعت المواجهات مساء الاثنين الماضي تزامنا مع بث قناة "الميادين" التي تتخذ من بيروت مقرا، مقابلة مع الرئيس السوري بشار الأسد، فأقدم أشخاص من جبل محسن على إطلاق النار ابتهاجا، وطال الرصاص باب التبانة ما دفع مسلحين فيها إلى الرد. وتشهد المعارك تصعيدا خلال الليل، بينما تتراجع صباحا لتترك المجال للقناصة الذين يصطادون ضحايا بشكل يومي. وشهدت طرابلس جولات عدة من المعارك بين مجموعات علوية تنتمي في معظمها إلى الحزب العربي الديموقراطي، أبرز ممثل سياسي للعلويين في لبنان، والمؤيد للنظام السوري، ومجموعات سنية تابعة لتنظيمات عدة صغيرة معظمها إسلامي ومتعاطفة مع المعارضة السورية، وذلك منذ بدء النزاع بسورية في منتصف مارس 2011.