اعتاد الناس على زيارة القبور في الساعات الأولى لأول أيام العيد، حيث تهل الأفواج على المقابر عقب الانتهاء من صلاة العيد مباشرة، وتستمر لنحو ساعة أو ساعتين، وذلك لقراءة الفاتحة على أرواح ذويهم، وتذكر الأيام التي جمعتهم قبل الرحيل إلى العالم الآخر، كنوع من الوفاء للذكريات الجميلة التي عاشوها وللتضحيات التي قدموها إلى كل من يتسابق على الزيارة، فهناك من وقف على قبر والده الذي كان يعتبره القدوة والمعلم الأول، أو والدته التي طالما سهرت على خدمته ورعايته وتربيته، أو زوجة أو أخ أو حتى صديق مقرب، كانت تربطهما العلاقات الطيبة قبل أن يفرق الموت بينهما، وزيارة القبور في العيد، قد تكون على سبيل العادة من العادات التي دأب الناس عليها. ورصدت عدسة "الوطن" أثناء جولتها الصباحية بعد أداء صلاة عيد الفطر المبارك يوم أمس، توجه أعداد كبيرة من المواطنين والمقيمين بصحبة أطفالهم لزيارة المقابر والسلام على ذويهم من الموتى. وفتحت هذه المقابر بجدة أبوابها، ومنها مقبرة الرويس واستقبل القائمون عليها الزوار بالماء البارد والشمسيات التي تقيهم حرارة الشمس، ليتقاطر عدد كبير من المواطنين والمقيمين على حد سواء لداخل المقبرة، كل يبحث عن مرقد قريب له، بعضهم تمكن من تحديده، والبعض الآخر أخذ في التشاور مع من صحبه وقتا لتحديد موقع القبر، غير أن الظاهر هو وقوف الجميع ودعاؤهم لذويهم بالرحمة بين باكٍ وحزين وقف لوقت طويل على هذا القبر أو ذاك. فيما شهدت جنبات المقبرة من الخارج وجود أعداد كبيرة من النساء جلهن من الجاليات الأفريقية في انتظار خروج الزوار ليتلقفنهن وبشكل مريع طلبا للمال مع عبارات بالدعاء لهم ولأمواتهم بالرحمة والمغفرة بلغة ركيكة، كما تلاحظ لنا اقتسامهن لمواقع تم تحديدها مسبقا من قبل كبيرات السن فيهن شهدت ملاسنات بأصوات مرتفعة واشتباك عدد منهن بالأيدي جراء تعدي أخريات على مواقع ليست في نطاقهن، وكأن العملية منظمة ولا تخضع لرقابة من أية جهة رسمية، حيث اعتاد هؤلاء النسوة الوجود حول هذه المقابر طيلة العام وبشكل يومي ويظهرن بجلاء ووضوح في كثرة أعدادهن خلال يوم العيد تحديدا لما يلمسونه من قدوم أعداد كبيرة من الزوار للمقبرة، وما يدر عليهن من ربح وفير في مثل هذه الأيام. من جانبه، يقول إمام مسجد الإمام البخاري بحي السلامة بجدة محمد إبراهيم: ليس لزيارة القبور وقت مُعين، وإن كان بعض العلماء يجعل ثوابها أكبر في أيام معينة كيوم الخميس والجمعة.