تحظى عادة «الجلوة» المعروفة أيضاً ب «التريمبو» في الأعراس، باهتمام كبير في شرق المملكة، ويرجع أصل كلمة جلوة إلى الجلو والجلاء، وتعني الرحيل أو الذهاب والمغادرة، توافقاً مع رحيل الفتاة عن بيت أبيها إلى بيت زوجها، فيكون الاحتفال قبل مغادرة الفتاة، حيث كانت تُجلى العروس قديماً وقت العصر، بعد ثلاثة أيام من الحنَّاء المتواصلة. ترديد الأهازيج ترتدي العروس أروع زينتها الشعبية من قماش أبيض، إضافة إلى «المشمر»، وهو رداء أخضر اللون مزركش بأنواع النقوش الخليجية المذهبة، فضلاً عن المجوهرات الثمينة التي توضع وسط صالة المنزل. وينشر من فوق رأس العروس رداء من الحرير، تمسكه أربع نساء كل واحدة بطرف، ثم يرفعنه وينزلنه، وهن يُرددْنَ أهزوجة متداولة مطلعها: «واترمبو وانجومي». سبعة مشامر تتناوب كل من والدة العروس وأخواتها، بإلباسها سبعة «مشامر»، مردِّدَات أهزوجة «واترمبو» الشائعة في المنطقة، وهن يَحْمِلْنَ صواني شموع بها نقود فضية، فتنثر صديقات العروس عليها الريحان وماء الورد مهلِّلات ومزغردات. قال الكاتب محمد علي الشرفا في كتابه «الحياة الاجتماعية في المنطقة الشرقية»: « حاولت التوصل لمعرفة معنى كلمتي واترمبو وانجومي، من خلال سؤالي لعدد من النسوة المسنّات، إلا أنهن لم يعرفن شيئاً عن معناها، فأظنهما كلمتين أعجميتين». طقوس مستمرة ويقوم أهل العروس بتغطية وجهها بقماش أبيض كي لا يراها الناس يوم تجليتها، معتقدين أنه كلما غطَّت وجهها ليلة جلوتها، كلما زادت جمالاً لعريسها ليلة زفافها. وفي القديم، كانت العروس توزع على الحاضرات بعضاً من البقوليات الممزوجة بالحلويات والنقود، مثل «الكازوا»، «البيدان»، و«النخي المجفف»، ولم تختلف هذه الطقوس حتى الآن، بل ظلَّت محافظة على سماتها وخصائصها. وأورد الكاتب أبو الحسن البكري في كتابه «الأنوار»، أنه حين رأت النساءُ النبيَّ محمدا (صلى الله عليه وسلم)، قد هيأ للسيدة خديجة عنها حاجات الجلاء وهي في سن الأربعين عاماً، قال البكري: «خرجت خديجة أول مرة وعليها ثياب مضمّخة منظَّمة بالدُّر، ثمَّ خرجت في الجلوة الثانية على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد علا نورها وزاد حسنها وجمالها، وهكذا جرى استخدام الجلوة تعبيراً عن هذه المراسم». عادة مستوردة ويقول الكاتب المؤرخ محمد سعيد المسلم في كتابه»واحة على ضفاف الخليج»: «قد يرجع أصل هذه العادة إلى الهند أو الصين، وهي موجودة في أغلب بلدان الخليج العربي، من حيث الطريقة التي تُجلى فيها النساء ونوع اللباس المستخدم ذو الطابع الهندي؛ ما يبيِّن تداخل الحضارات في الممارسات الاجتماعية». تعاطف اجتماعي ويرجع تسمية هذا الموروث ب«المتورب» إلى السلوك الذي تقوم به النسوة، من تحريك قطعة القماش على رأس العروس بطريقة رشيقة وخفيفة؛ ما يعكس مدى ترابط وتآزر وتعاطف نسوة الحي والأقرباء مع بعضهن البعض. يشار أن «الجلوات» كانت تُجرى خلال سبع ليالٍ سابقاًَ، اختصرها أهالي الشرقية إلى سبع جلوات تُقام في ليلة واحدة، نظراً للمشقة ولتقصير مدة الاحتفال.