افتتح الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند أمس مساحات جديدة للفن الإسلامي بمتحف اللوفر في باريس، وهو ما اعتبره هولاند مدعاة فخر لفرنسا وله على المستوى الشخصي. ويأتي افتتاح هذه الجناح بعد عمل طويل تم إنجازه خلال ما يقرب من العشر سنوات بتكلفة مالية تقدر بحوالي 100 مليون يورو، 70% منها جاءت عبر متبرعين في مقدمتهم الأمير الوليد بن طلال، الذي ساهم بمبلغ يقدر ب17 مليون دولار أميركي. ويزخر الجناح بأروع الأعمال والنفائس الفنية من مختلف أنحاء العالم الإسلامي المتعدد الثقافات، ويجسد الفترة الممتدة ما بين القرنين السابع والتاسع عشر. وجاء هذا الافتتاح وسط اهتمام عالمي بإنجاز أضخم مشروع في متحف يعد الأول من نوعه منذ الانتهاء من بناء الهرم الزجاجي في ساحة متحف اللوفر عام 1989. وشارك في حفل الافتتاح عديد من الوفود الدبلوماسية العربية والغربية، إلى جانب مشاركة خاصة من رئيس مجلس وزراء دولة الكويت الذي قدم مساهمة مالية لإنجاز جناح التراث الإسلامي بمبلغ 5 ملايين يورو. وعن هذا الجناح، يقول رئيس متحف اللوفر ومديره العام هنري لوارين: أردت أن أجعل من الفن الإسلامي قسما مستقلا في اللوفر، فقد كنت دائما أعتبر أنه من غير المقبول أن تكون فنون الإسلام مجموعة في فئة بسيطة داخل قسم الآثار الشرقية، فنحن أمام 12 قرنا من التاريخ؛ مما يعني مدى ثراء هذه الحضارة وتنوعها.. أما مديرة الجناح صوفي ماكاريو فتبدي سعادتها بهذا العمل المتميز قائلة: الآن أصبحت مجموعة الفن الإسلامي في المتحف تتمتع بمساحة 3 آلاف متر مربع، يعرض عليها 15 ألف قطعة مبهرة من قطع الفن الإسلامي، من بينها حوالي 2500 قطعة تعرض للمرة الأولى، من بينهم أسد مونثون وهو فم نافورة أنجزت في الأندلس، ورواق مصري يعود للقرن ال15 على شكل قطع مفككة في صناديق منذ أكثر من قرن إضافة إلى جدار عثماني من الخزف. وتعد كافة مقتنيات الجناح ثروة كبرى ونوادر حصرية من التراث الإسلامي العريق تعكس تنوع الإبداعات الفنية الإسلامية – بحسب ماكاريو - بدءا من إسبانيا، وصولا إلى الهند في العصور القديمة والحضارات المتعاقبة، يضاف إليها 3400 قطعة من متحف الفنون الزخرفية لم تعرض منذ 20 عاما. وأكدت أنه تم الأخذ بعين الاعتبار أهمية القطع والأعمال الفنية الإسلامية، وهي موضوعة في صرح جميل يتميز بالرؤية الحديثة والقدرة على التلاعب بالضوء الطبيعي، مع إمكانية إضافة إضاءة داخلية تتلاءم وخصوصية كل قطعة معروضة كي تحتل الفنون الإسلامية المكانة التي تستحقها بين الحضارات الكبرى في المتحف. وتعود فكرة المشروع إلى العام 2001 عندما كانت الفنون الإسلامية تشكل جزء صغيرا في جناح الآثار الشرقية، وكان اللافت للنظر أنه على الرغم من أن المتحف لديه أروع الأعمال، ولكن لا يعرض منها سوى نسبة 10% فقط، بسبب عدم وجود مساحة كافية في المتحف لعرض كل هذه الكنوز من الفنون الإسلامية. لذلك سرعان ما تنامت الفكرة في عام 2003 لتصبح مشروعا رئاسيا دعمه كل من الرئيس فرانسوا ميتران وخلفاؤه في السلطة إلى أن جاء الرئيس جاك شيراك في مطلع أغسطس من العام نفسه ليعلن عزم الحكومة الفرنسية إنشاء جناحا ثامنا في المتحف ويخصص للفنون الإسلامية. وفي يوليو من عام 2008 وضع الرئيس السابق نيكولا ساركوزي حجر الأساس لبدء المشروع، مؤكدا بهذه المناسبة أهمية تعزيز الحوار الثقافي بين الشعوب. وأصبح الحلم حقيقة في عهد الرئيس الحالي فرانسوا هولاند ليواصل متحف اللوفر العالمي بناء الحوار بين الحضارات، ويقف الجناح الإسلامي شاهدا على حضارة مشرقة على مر السنين. ويعد هذا الجناح - في رأي مراقبين - من أهم ما يميز متحف اللوفر الباريسي الآن لاحتوائه على أكبر مجموعة من الأعمال الفنية الإسلامية. يذكر أن مراسم افتتاح الجناح الإسلامي في متحف اللوفر لا تقتصر على الإعلان عن فتح باب الجناح للزوار، بل تتضمن أيضا العديد من الأنشطة الثقافية والفنية ولقاءات مع فنانين وكتاب من العديد من بلدان العالم، إلى جانب الكثير من الحوارات والموائد المستديرة. هولاند: الإسلام سلاح ضد التعصب باريس: د ب أ قال الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند، لدى افتتاحه معرض الفن الإسلامي الجديد بمتحف اللوفر بباريس أمس: "يتعذر علي فهم المتشددين الذين يهاجمون التراث التاريخي الثمين بزعم كاذب أنهم يمثلون الإسلام". وأكد في إشارة إلى تدمير متشددين أضرحة تاريخية في شمال مالي، أنه لا توجد حضارة إسلامية واحدة وإنما حضارات عدة، جميعها نقية ومتألقة. وأشار إلى أن ما يعرض في المتحف من آثار إسلامية، تمثل حضارات أقدم وأكثر تسامحا من هؤلاء الذين يدعون زورا أنهم يتحدثون باسمها، مؤكدا أن هذه الحضارات تثبت أن السلاح الأفضل لمكافحة التعصب موجود في الإسلام نفسه. ونفى هولاند، ما يثار حول صراع بين الغرب والإسلام، وقال: "ليست الحضارات كُتلا تتجاهل بعضها البعض أو تشتبك مع بعضها البعض". وقال: "إن كل من يزور اللوفر سيكتشف جزءا من نفسه في الأعمال الفنية التي تغطي الثقافة على اتساع العالم الإسلامي من إسبانيا إلى الهند".