شهدت العاصمة الأفغانية كابول هجوماً انتحارياً رداً على الفيلم المسيء للإسلام، نفذته امرأة تنتمي إلى «الحزب الإسلامي» عبر تفجير سيارة مفخخة قرب المطار، ما أسفر عن سقوط 12 قتيلاً بينهم 8 من جنوب أفريقيا يعملون لحساب شركة طيران خاصة. وفي جدة، أعلن الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي أكمل الدين إحسان أوغلو أن «الأعمال الشنيعة» كالفيلم المسيء إلى الإسلام «تهدد الأمن والاستقرار في العالم»، موضحاً أن وزراء خارجية المنظمة سيناقشون هذه المسألة في نيويورك الأسبوع المقبل. وأكد أن المنظمة «سترمي بكامل ثقلها السياسي لوضع حد لهذه الأعمال الشنيعة، لأنها لا تجرح المشاعر الدينية للمسلمين فحسب، إنما تهدد السلم والأمن والاستقرار في المنطقة والعالم». وتابع أن «الأحداث التي وقعت في بنغازي والقاهرة والخرطوم وأماكن أخرى، كشفت بجلاء الإفرازات الخطيرة لإساءة استخدام حرية التعبير التي دأبت منظمة التعاون الإسلامي على التحذير منها». وفي أفغانستان، تبنى «الحزب الإسلامي» تفجير باص صغير أقلّ عمالاً أجانب، وأسفر عن سقوط 12 شخصاً بينهم 8 من جنوب أفريقيا، معلناً أن امرأة انتحارية نفذته رداً على الفيلم. وقال الزبير صديقي الناطق باسم الحزب: «فجرت امرأة ترتدي سترة ناسفة نفسها رداً على الفيلم». وقالت الشرطة إنها «ربما كانت تقود سيارة تويوتا كورولا معبأة بمتفجرات». وسيثير إعلان المسؤولية المخاوف من أن يزيد الغضب بسبب الفيلم من تدهور الوضع الأمني في أفغانستان، حيث تحاول الولاياتالمتحدة ودول غربية أخرى حماية قواتها من موجة هجمات يشنها جنود أفغان «مارقون». وشهدت باكستان إطلاق الشرطة الغاز المسيل للدموع لتفريق حوالى ألفي متظاهر حاولوا الاقتراب من القنصلية الأميركية في مدينة بيشاور (شمال غرب). وانتشرت شرطة مكافحة الشغب مع آلياتها المصفحة في محيط القنصلية، حيث أحرق متظاهرون علماً أميركياً. وسار حوالى ألفي شخص أيضاً قرب القنصلية الأميركية في كراتشي (جنوب)، كما تجمع مئات من المتظاهرين قرب القنصلية الأميركية في لاهور (شرق)، وهتفوا «أوباما كلب» و «الموت لأميركا». وكانت باكستان حجبت أول من أمس موقع «يوتيوب» الذي بث الفيلم المسيء. وحذت بنغلادش حذوها، فيما لوحت روسيا بتنفيذ الإجراء. وفي إندونيسيا، أحرق متظاهرون علماً أميركياً وأشعلوا إطارات أمام بعثة ديبلوماسية أميركية في مدينة ميدان، ورددوا «اطردوا أميركا» و «الموت لصانع الفيلم». وفي باريس، تزامن افتتاح الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند لجناح فنون الإسلام في متحف اللوفر مع موجة الاحتجاج التي تهز العالم العربي الإسلامي، فكانت مناسبة ميز خلالها بين «الحضارات الإسلامية النقية والمشعة» وبين القوى «الظلامية» التي قال إنها «تدمر قيم الإسلام باعتمادها العنف والحقد». وفي خطاب ألقاه خلال افتتاح الجناح الذي اقترح الرئيس السابق جاك شيراك إنشاءه العام 2000، ووضع حجر الأساس له الرئيس السابق نيكولا ساركوزي العام 2008، قال هولاند انه يعتبر افتتاح المعهد «بمثابة عمل سياسي وعمل سلام». ولم يتطرق الرئيس الفرنسي بشكل مباشر إلى الاحتجاجات التي طاولت فرنسا أيضاً حيث تظاهر يوم السبت الماضي حوالى 200 شخص من شباب الضواحي بينهم بعض العناصر السلفية للتنديد بالفيلم المسيء للإسلام أمام مقر السفارة الأميركية في باريس، لكن هولاند تعمد التشديد على أنه «ليس هناك حضارة إسلامية واحدة بل حضارات كلها نقية ومشعة». وأضاف انه «شرف للحضارات الإسلامية أن تكون أقدر وأكثر حيوية وتسامحاً من أولئك الذين يزعمون اليوم التحدث باسمها»، ورأى أن هذه الحضارات تحمل في طياتها الأسلحة الكفيلة بمكافحة «الظلامية التي تدمر المبادئ وتهدم قيم الإسلام باعتمادها العنف والحقد». وأعلن أن السلطات الفرنسية تعتزم تبني قوانين جديدة متشددة بحق الفرنسيين الذين يترددون على مواقع إسلامية متطرفة أو يتلقون تدريبات في الخارج على أساليب استخدام السلاح، ودان هولاند التطرف الديني باعتباره «غباء لا قاع له» وتأثيره بالغ على الحضارات كافة. ورأى أن العدد الكبير للقطع الفنية المعروضة في الجناح الجديد تنطوي «على أجمل الرسائل» و»تجعلنا ندرك أن أفضل الأسلحة لمواجهة التعصب يكمن في الإسلام نفسه»، مؤكداً أن فرنسا لن تتساهل مع أي مساس بكرامة الإنسان وحرية التعبير. وعلى رغم قلة عدد المتظاهرين الذين حاولوا التوجه إلى مقر السفارة الأميركية وسيطرة القوى الأمنية عليهم وإخضاعهم لعملية تدقيق في هوياتهم، فإن الحادثة تسببت بسجال بين الحكومة والمعارضة اليمينية التي دعت هولاند عبر تصريحات عدة منها تصريح رئيس الحكومة السابق فرانسوا فيون إلى إبداء المزيد من التشدد إزاء هذا النوع من الأحداث. ورد وزير الداخلية الفرنسي مانويل فالز على هذه المواقف، داعياً المعارضة إلى الامتناع عن استغلال التظاهرة والإبقاء على صفوف اليمين واليسار موحدة في مواجهة التطرف.