من الأعمال الفنية الجميلة التي تناقش قضايا اجتماعية بطريقة مبتكرة، وحققت نسبة مشاهدة عالية عبر الوسائط الحديثة مسلسل "يومك معي" الذي يمثله ويقدمه الشاب فراس بقنة. هذا المسلسل الاجتماعي الذي لا يتجاوز وقت كل حلقة من حلقاته 6 دقائق فقط ؛ لن تجده على أي قناة فضائية، على الرغم من أنه يفوق جميع الأعمال الفنية التي تنافست عليها القنوات الفضائية بقيمته الفنية ورسالته الاجتماعية. ربما لا يتجاوز فريق العمل لهذا المسلسل 5 أشخاص؛ لكنه في نظري تجاوز عشرات الأعمال الفنية التي تعتمد على التهريج. فكرة مسلسل "يومك معي" الذي يبث عبر "يوتيوب" تقوم على تقمص مقدمه وبطله فراس بقنة لشخصية معينة لسبر أغوار إحدى الظواهر الاجتماعية، وقضاء يوم كامل في فصولها، وكشف ما خلف كواليسها بطريقة بسيطة ليس فيها تزييف، ولا تضخيم. من الحلقات الجميلة التي لامست قضية هامة هي حلقة عامل النظافة، التي تقمص فيها الممثل دور عامل النظافة بكل التفاصيل، وانطلق مع العمال بملابسهم وكأنه أحدهم، وقضى معهم يوما كاملا مزيحا الستار عن جزء من حياتهم بكل تفاصيله الحلوة والمرة، وسلط الضوء على جزء من معاناتهم من سلوك المجتمع المتمثل في إيذائهم، واحتقارهم ، وزيادة معاناتهم برمي النفايات في الشوارع. حلقة أخرى لا تقل أهمية عن حلقة "عامل النظافة"؛ تناولت أهم قضية تواجه المجتمع في رمضان ألا وهي قضية التسول، وتقمص الممثل شخصية "متسول" وعاش 3 تجارب، الأولى كانت في المسجد عندما قدم نفسه للمصلين على أنه مسكين توفي والده، وترك له أسرة لا يستطيع إعالتها، وكشف كيف انطلى ذلك على المصلين، الذين أمطروه بمبالغ مالية، أما التجربة الثانية فكانت التسول عند إشارات المرور، أما الثالثة فكانت مختلفة، وهي التسول بطريقة مغايرة عن طريق إيهام الآخرين بأن مركبته تعطلت، وأنه بحاجة إلى مبلغ مالي لكي يزودها بالوقود. على الرغم من بساطة العمل الفني الذي قدمه فراس بقنة وزملاؤه، إلا أنه كان عملا مختلفا يحمل فكرة مبتكرة تعتمد على البساطة، ووضوح الهدف، ونبل الرسالة. مثل هؤلاء الشباب الذين يحاولون التجديد في الساحة الفنية من خلال ابتكار الأفكار، وتسخير الوسائط المتاحة لخدمة مواهبهم وأعمالهم الفنية يستحقون الدعم، والإشادة، والتشجيع. هذه الأعمال برزت وحققت متابعة مميزة على الرغم من إنتاجها بجهود ذاتية ومتواضعة، ولو تبنتها القنوات الفضائية لحققت نجاحا كبيرا، ولأضافت للساحة أعمالا فنية مميزة تمس الواقع، وحدت من الأعمال المكررة التي لم تعد ذات قيمة فنية أو اجتماعية.