ما بين التاريخ والعراقة تضرب منطقة نجران جذورها في أطناب الحضارات التاريخية على مستوى الجزيرة العربية وعبر العصور القديمة، حيث تحمل المنطقة في أحضان الربع الخالي تاريخا يعود لآلاف السنين، بداية من كونها معبرا للتجارة وطريقا للقوافل منذ الألف الثاني قبل الميلاد، وإرثها وتراثها العميقين، لما تحويه من مواقع أثرية تعكس نقوشها وأبنيتها وقلاعها تراكما حضاريا يرسم لوحة بانورامية عبر التاريخ، ومآثر الحضارة والإنسان في الجزيرة العربية، وصولا إلى أن تلامس أيدى الزائرين لها المعالم التاريخية الجميلة التي بقيت صامدة. ومن هذه الآثار آبار حمى التي تعتبر أهم مواقع الرسوم الصخرية في المملكة، وتعد شاهدًا تاريخيًا على محاولات الإنسان لكتابة الأبجدية، والتي تزينت أحجارها بالنقوش الأثرية الثمودية والسبئية ونقوش خط المسند. الموقع تقع آبار حمى على مسافة 130 كلم تقريباً من نجران في محافظة ثار، وتعد آبار حمى من أهم محطات طرق القوافل القادمة من جنوب الجزيرة العربية إلى شمالها، وهي من أهم مواقع الرسوم الصخرية في المملكة. ويوجد بها العديد من المواقع، وتحتوي على العديد من النقوش الأثرية الثمودية والسبئية ونقوش خط المسند، كما تحتوي على رسوم لمناظر صيد ورعي وأشكال آدمية رسمت بأكبر من الحجم الطبيعي، ومن أهم تلك النقوش نقش الملك الحميري يوسف آسار يثأر من آخر ملوك حمير والمعروف عند المؤرخين العرب ب (يوسف ذو نواس) وقد عثر عليه بجبل حماطة، والنقش مؤرخ بسنة 633 بالتوقيت الحميري الموافق سنة 518م. الآبار الستة لم تكن النقوش الصخرية والرسوم والكتابات فقط شاهدا على تاريخ حمى العائد للألف السابع قبل الميلاد حتى الألف الأول قبل الميلاد، بل إن ما يدهش الزائر وجود آبار حمى تنضح بالماء العذب حتى يومنا هذا، وذلك منذ أن كانت محطة التزود بالماء للقوافل التجارية التي تنقل البضائع من جنوب الجزيرة العربية إلى الشام ومصر وبلاد الرافدين، وهذه الآبار هي أم نخلة، والقراين، والجناح، وسقيا، والحماطة، والحبيسة. متاحف مفتوحة أكد الباحث والكاتب محمد آل هتيلة أنه يوجد في المملكة متاحف تكاد تكون أكبر متاحف مفتوحة في العالم، ومنها حمى في نجران التي كانت من أهم محطات طرق القوافل القادمة من جنوب الجزيرة العربية إلى شمالها، وأشار الهمداني إليها عندما تحدث عن موارد بني الحارث بن كعب بقوله «حمى ماء بأطراف جبال بين مريع والغائط». فترات تاريخية أضاف تنتشر في منطقة حمى بنجران العديد من الكتابات والنقوش والرسوم التي تعود إلى فترات تاريخية موغلة في القدم، حيث يرجع تاريخ بعض الرسوم للفترة النحاسية في وادي النقحة وشسعا وأم ر قيبة وجبال الكوكب وجميعها في محيط موقع حمى الأثري. آبار حمى الستة أم نخلة القراين الجناح سقيا الحماطة الحبيسة