في كتاب «أنت جيش عدوك.. الجيل الرابع من الحروب»، للدكتور نبيل فاروق، يؤكد الكاتب أنّ الإعلام بوسائله المتعددة والمستحدثة صار أقوى الأسلحة على الإطلاق في الجيل الرابع من الحروب، ووسيلة مثلى لنشر الشائعات، واستخدام الحرب النفسية على أوسع نطاق بتضخيم الأخطاء، وتسفيه الإنجازات، ويرى الكاتب أنّ الشائعات أقوى سلاح في حرب الجيل الرابع باعتبار أنّ الشعوب تُحرِّكها مشاعرها، والشائعات لا يتم إطلاقها عشوائيًا، ولكنها تبنى على دراسة نفسية دقيقة، وخاصة لو أنّها تستهدف أمرًا جللًا، مثل إسقاط دولة كاملة، ولهذا فالشائعة المدروسة لا تبدأ بكذبة، ولكن تبدأ بذرّة من الحقيقة التي يسهل التأكُّد منها، ثم يُبنى عليها جبل من الأكاذيب، تستند كلها إلى ذرة الحقيقة، وقد أدركت حروب الجيل الرابع مدى أهمية وقوة وخطورة الشائعات، خاصة التي تُطلق عبر وسائل التواصل الاجتماعى. هذا وقد كشف الدكتور نبيل فاروق دور أجهزة المخابرات في احتلال عقليات ونفسيات الشعوب كبديل عن الحروب العسكرية، بالعمل على دفع الإنسان إلى هدم مجتمعه الذي يعيش فيه بنفسه، دون تدخُّل من أي دولة خارجية أو حروب. وأضاف الكاتب: «أنّ الدول الغربية استخدمت حروب الجيل الرابع، لأنّها تُوفِّر عليها العبء العسكري والاقتصادي، مُوضِّحًا أنّ الغرب بدأ في التفكير في الدخول إلى المجتمعات التي يرغب في غزوها عن طريق الأفكار، بدلًا من أن يُرسل طيارات وجنودًا ودبابات. فالجيل الرابع من الحروب يعتمد على هدم الدول من الداخل دون خسارة أموال وأنفس، وعمادها الأول في ذلك «الشائعات»، لهدم أركان الدولة الأربع المتمثلة في القيادة السياسية والجيش والشرطة والقضاء لإفشالها، وزعزعة استقرارها والثقة في حكومتها، وتأليب المواطنين بعضهم على بعض بترويج الأفكار المتطرفة، وتأجيج الصراعات الداخلية بينهم، لتقود في النهاية إلى فكرة «اللا دولة»، وانهيار ركائز الحكم والمؤسسات، خاصة الأمنية، المسؤولة عن حماية كيان الدولة وتأمين الحياة اليومية للمواطن العادي، وتعمد في سبيل ذلك إلى استخدام الإعلام، والإرهاب، فهناك كثير من الأطراف الخارجية التي تستهدف إسقاط دولنا العربية -والمملكة العربية السعودية في مقدمتها- فتستخدم تلك الأطراف الخارجية هذه الأسلحة لإثارة التوتر والشكوك، خاصة على مواقع التواصل الاجتماعي، التي تعتبر تربة خصبة لتداول الأخبار الخاطئة. وبحسب الخبراء تتنوع الصور والأشكال التي تظهر خلالها مفاهيم وأشكال الجيل الرابع من الحروب، انطلاقًا من اعتمادها بشكل أساسي على دعم الجماعات الإرهابية والحركات المتطرفة، وتتولى نقل البيانات الخاطئة والمغلوطة عنها لتفزيع المواطنين، وإظهارها بحجم يفوق حجمها الحقيقي عشرات المرات، اعتمادًا على بعض وكالات الأنباء الأجنبية ووسائل التلاعب النفسي التي تقودها بعض الصحف والمواقع الإلكترونية، بالإضافة إلى استخدام كل الضغوط المتاحة، للترويج لأفكارها وبث سمومها في توقيتات محددة، لإحداث أكبر تأثير سلبي على المجتمعات المستهدفة. وأقول هنا: إنّه للأسف الشديد قد تمّ استخدام بعض الشعوب العربية كأدوات لهدم بلادها بأنفسها بترويجهم للشائعات التي تُفقدهم ثقتهم في حكوماتهم، وتثير الفتن بينهم، وباتوا يُكفِّر ويُقاتل بعضهم البعض، بل بات الابن يُكفِّر أباه وأمه وأخاه، ويقتلهم. على شعوبنا العربية أن تفوق من غفوتها، وتنتشل نفسها من كبوتها، وتلتف صفًا واحدًا حول قياداتها، وتكون الظهير المساند لها لمواجهة كل التحديات والمؤامرات وإحباطها، ولتتحقق من صحة الأخبار قبل نشرها عملًا بقوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ)، حتى لا تنتشر الشائعات والأكاذيب وتؤثر على استقرار دولنا العربية ومؤسساتها نقلا عن المدينة