غيب الموت اليوم في مدينة الشحر بمحافظة حضرموت المعمر اليمني الفنان سعيد عبدالنعيم عن عمر ناهز ال 105 أعوام بعد حياة فنية حافلة بالتميز . والفنان عبد النعيم من مواليد مدينة الشحر عام 1905م ، وهو نجل الفقيد الفنان عبدالنعيم خميس النوبي ، درس في صغره على الكتاب المنتشرة آنذاك في مدية الشحر ، والتحق بمدرسة مكارم الاخلاق منذ افتتاحها عام 1918م بمعية أساتذه وأدباء ومؤلفين وفنانين من بينهم محمد عبدالقادر بامطرف ، المعلم عوض أحمد حميدان عوض عبدالله المسلمي - خميس كرامه حمدان وغيرهم . وانخرط الفقيد في سلك العمل غير أن الفن الذي غرسه والده عازف القنبوس في فرقة المؤرخ الشاعر الملحن عبدالله محمد باحسن طغى على توجهه ، وهذه الفرقة تعد أول فرقة كتب لها أن يخلد ذكرها في التاريخ . وهاجر إلى مدينة عدن ليجد هناك عازف الناي (ابو صلاح) عبدالمولى ، ويتزامل الأثنان ليقدم هذا الثنائي مشاركةً مع آخر أجمل أغاني التراث الحضرمي من أغنيات باحسن وبامعيبد وباسلامه وبن شهاب والعيدروس . وزادت معارفه الفنية عندما تعرف على مغنيين من عدن ولحج بالذات ومنهم حسين الطفش واخاه وأحمد عوض الجراش ومحمد سعد عبدالله وغيرهم من المغمورين . ثم عاد الفنان عبدالنعيم بعد ذلك إلى مسقط رأسه عندما شعر أن الساحة الفنية بحاجة إليه ، فشكل فرقة فنية كانت تختاً بدون آلة عود ، شاركت في حفلات الاعراس لكنها لم تنتظر طويلا حتى رفدت بالفنان سالم خمور الذي عاد تواً من شرق افريقيا ، عندها رسخت هذه الفرقة الفنية الطربيه ، فضلاً عن ان الفقيد مارس الى جانب الطرب النشاط الفني الشعبي ولعله يتسلطن عند غناء أصوات الزربادي . والفنان عبدالنعيم ابن البيئة الفنية التي أنجبت الكثير من الفنانين والشعراء ومن بينهم الشاعر الكبير حسين أبوبكر المحضار ، هو أول من قدم أغنياته على الطرب ، ومنه وعبره إنطلق المحضار إلى بقاع أرحب في الجزيرة العربية . وشارك الفنان عبدالنعيم في العديد من المحافل الوطنية كما زار العديد من بلدان الجوار وتربطه علاقات متينة مع الفنانين والأدباء في الداخل والخارج كما أنه يعد واحداً من الفنانين الشعبيين الذين أثروا الساحة الفنية بالأعمال التراثية المتوشحة بالغناء الزربادي.. وقد حمل غلاف العدد الأول من مجلة آفاق التراث الشعبي التي أصدرها فرع اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين بالمكلا عام 2007م صورة الفنان عبدالنعيم ووثقت له المجلة حواراً فنياً نادراً حمل أثنان وثلاثين صفحة . وكانت وزارة الثقافة كرمت الفنان الفقيد في يوليو 2004م ضمن (22) مبدعاً في الأيام الثقافية لمحافظة حضرموت في العاصمة صنعاء تقديراً لعطائه الفني ودوره المتميز في الحفاظ على الموروث الشعبي والغنائي.