جازان – أمل مدربا دراسات: وزن الحقيبة المدرسية يجب ألا يتجاوز 15% من وزن التلميذ. آباء ينتقدون حملة «التربية» للتخفيف من وزن الحقيبة.. ويتساءلون: أين التقنية؟. اختصاصي عظام: حمل الحقيبة على إحدى الكتفين يزيد مخاطر «الجنف» بنسبة 30%. بالرغم مما نشر مراراً عن الخطر الذي تشكله على صحة التلاميذ، بقيت الحقيبة المدرسية كما هي، مصدراً للمعاناة يشكو منه الأطفال الصغار مع بدء العام الدراسي، ثقيلة كالعادة، مزدحمة بلا مبرر، مرهقة لمن يحملها. وبالرغم من التطور الكبير الذي شهدته حياتنا بدخول التقنية في كل شيء، وتطور أنظمة الإنترنت والاتصالات وغيرها، فإن الحقيبة المدرسية ومحتوياتها بقيت محصنة ضد التغيير، عامرة بالكتب والدفاتر والأدوات، دون تغيير يذكر منذ خمسين عاماً. وبقيت معها مخاوف أولياء أمور الطلاب والطالبات من الخطر الذي تمثله على صحة الأطفال الصغار، تحديداً على العمود الفقري للطفل، وما يمكن أن تحدثه من تشوهات فيه، وضغط على القلب والرئتين نتيجة لتشوه العمود الفقري. خطر الوزن الزائد وقد استدعت تلك الخطورة المحتملة للحقيبة المدرسية التقليدية على صحة التلاميذ، اهتمام الجهات البحثية الطبية، وأمكن التوصل إلى بعض المعايير التي يمكن من خلالها قياس مدى خطورتها، ومن ثم تطوير توصيات لمعالجة هذه الحالة. في هذا الصدد، حذرت الجمعية الأمريكية للعلاج الطبيعي الآباء من خطورة حمل الحقيبة المدرسية على الظهر بشكل خاطئ أو من زيادة وزنها بشكل مبالغ فيه، نظراً لما يسببه ذلك من خطر على صحة الطفل، يتمثل في إمكانية حدوث إصابات في الظهر فضلاً عن الإجهاد العضلي. وأكدت الجمعية أن حمل التلاميذ حقائبهم المدرسية على الظهر في فترة ما قبل المدرسة وحتى الصف الثالث المتوسط، يتسبب في حدوث تغييرات غير صحية في وضع الجسم، تتعاظم كلما زاد وزن الحقيبة من 5% إلى 15 % من وزن جسم الطالب أو الطالبة. ومن ثم، توصي الجمعية الأمريكية للعلاج الطبيعي بأن لا يتجاوز وزن الحقيبة المدرسية هذه الحدود. سبب رئيس للتشوهات في السياق نفسه، أكدت دراسة لجمعية العناية بالظهر (الأمريكية)، أن نصف أطفال المدارس معرضون للإصابة بآلام في الظهر عند بلوغهم سن الرابعة عشرة. ولفتت الدراسة إلى أن مشكلتها على الأطفال كبيرة وهي أخطر كثيراً من مشكلتها على الكبار، لأن عضلات الطفل تمسك في العمود الفقري الذي يكون في مرحلة النضج التكويني، وعندما يتأثر هذا النضج بالإجهاد والضعف المتصل، يصاب بانحناءات في العمود الفقري، الأمر الذي يترتب عليه مشكلات خطيرة عندما يصبح الطفل شاباً. ولوحظ أن أكبر نسبة من الشباب الذين يعفون من الخدمة العسكرية (لا يكون لائقاً) للكليات العسكرية بجميع أنواعها، يعانون من التشوهات الخطيرة في العمود الفقري والعظام، التي تنتج عن العادات الخاطئة في الطفولة. فمن المعروف أن أي طفل يحمل شيئاً ثقيلاً على ظهره يضطر إلى إحداث نوع من التوازن أثناء المشي، بالانحناء نحو الأمام، الأمر الذي يؤدي مع مرور الوقت إلى إحداث تقوس في العمود الفقري. «التربية» تنبهت أخيراً! ويبدو أن وزارة التربية والتعليم أدركت أخيراً خطر ما يحمله الطلاب على أكتافهم صباح كل يوم دراسي من أوزان، تعد ثقيلة مقارنة بأجسامهم، فأطلقت حملة قبل أيام لتوعية الأبناء وأولياء أمورهم بالوزن المثالي للحقيبة المدرسية، تحت شعار «نحو حقيبة مدرسية أقل وزناً .. من أجل صحة أفضل». لكن ردود فعل أولياء الأمور تفاوتت حول مدى فائدة الحملة خاصة في هذا الوقت، حيث كانوا – على حد قولهم- ينتظرون تطبيق «التربية» وتفعيلها التعليم عبر الأجهزة الإلكترونية كالآيباد، وتحميل المناهج عليها. مسؤولية مشتركة ويرى عديد من أولياء الأمور الذين التقتهم «الشرق» أن تكلفة توزيع جهاز الآيباد على الطلاب أقل كثيراً من تكلفة الكتب، التي تكلف خزينة الدولة مئات الملايين سنوياً، إضافة إلى أنه سيستمر مع الطلاب حتى تخرجهم في الثانوية العامة. وأشاروا إلى أن وزن جهاز الآيباد لا يزيد في كل الأحوال عن 635 جراماً، ما يعني سهولة حمله، ومواكبة التقنية، فيكاد لا يوجد طالب أو طالبة لا يعرف التعامل مع الأجهزة الإلكترونية، بل أصبحت هي الأساس لديهم. وتقول إلهام حامد: إن مسؤولية الحقائب الثقيلة لا تقع على عاتق الأهل فقط، ولكن إدارة المدرسة تتحمل جزءاً من المسؤولية عن طريق توزيع جداول الحصص بطريقة ذكية تراعي ما يحمله أبناؤنا. وتقول: إن على المدرسين ألا يغالوا في طلب إحضار الأدوات غير الضرورية، مع الحرص على أن يكون عدد صفحات الكراسة مناسباً للمادة حتى لا يزيد وزن الحقيبة دون داع، خاصة أن وزارة التربية قد أصدرت قوانيناً تحدد هذه الشروط. متى يُعمم الآيباد؟ ويقترح محمد ساحلي أن يتم شراء أجهزة آيباد لجميع طلبة المدارس بجميع المراحل، وأن توضع المناهج الدراسية عليها والتخلص فوراً من الكتب الثقيلة، ومع الوقت يتم توفير البرامج التفاعلية والإبداعية التعليمية، ولكن يجب أولاً عمل الخطوة الأولى وفتح المجال للطلبة وأولياء الأمور لاستخدام التقنية ثم تساهم الشركات والقطاعات الحكومية في عملية التطوير، كما يمكن الاستفادة من تجارب الدول الأخرى التي سبقتنا في هذا المجال، مشيراً إلى أن هذا سيوفر علينا عناء البحث عن حلول وأفكار جديدة. أين الحلول الإلكترونية؟ وتتساءل المُعلمة رندة رفاعي عن سبب عدم إنشاء شبكات محلية في كل مدرسة وربطها بالإنترنت وتدريب الطالبات والمُعلمات على الاستفادة منها، وتوزيع المناهج على أقراص للطالبات بدلاً من الكتب وفتح المجال للشركات لصناعة البرامج التعليمية ودعمها، أو التعاقد مع شركات متخصصة في التعليم الإلكتروني لتجهيز المدارس وتدريب الطلبة والمدرسين على ذلك. نموذج لحالة الجنف الناتجة عن الحمل الخاطيء للحقائب المدرسية مؤثرات تضر بالجسم ويقول الدكتور علي محمود اختصاصي العظام في أحد المستشفيات الخاصة: إن سن الطفولة يتميز بالنمو المتسارع لجميع أجهزة الجسم بما فيها الهيكل العظمي وتتأثر تلك العظام بالمؤثرات الخارجية، وفي حال تعرض الجسم لمثل تلك المؤثرات بشكل مستمر أو متقطع ومتكرر فإن ذلك قد يؤدي إلى تشويه للعضو الضحية. ويضيف: إنه في حال حمل الحقيبة أو أي شيء ثقيل، فقد يؤدي ذلك إلى انحراف العمود الفقري وانحنائه أو حدوث إجهاد أو تمزق عضلي في المنطقة المشدودة، ولا يقتصر الضرر فقط على الاختيار والحمل غير الصحيح للحقيبة المدرسية بل يمتد الأمر إلى ضرورة أخذ الوضعية السليمة عند حمل بعض الأشياء الثقيلة سواء للأطفال أو البالغين، فلا ينبغي مثلاً حني الجسم بوضعية الركوع لحمل بعض الأشياء الثقيلة، إذ إن وضع ارتكاز ذلك الحمل في نقطة واحدة من الظهر، وعدم توزيع الثقل على الفقرات جميعاً، قد يؤدي لانزلاق غضروفي قد يعاني منه الشخص بشكل مزمن في حين أنه يستطيع تفادي ذلك باتباع الطريقة الآمنة لحمل تلك الأشياء الثقيلة. وينصح الآباء بالانتباه إلى وضعية جلوس الطلاب، خاصة الصغار منهم، على مقاعد الدراسة بطريقة صحيحة وعدم الجلوس بظهر مقوس إذ إن ذلك يشكل ضرراً لا يقتصر على العمود الفقري والهيكل العظمي فحسب، بل قد يطال جميع أعضاء الجسم الداخلية بما فيها الدورة الدموية ووصول الدم وتدفقه بشكل مرن وسهل إلى جميع أنحاء الجسم. ويقول: على أطفالنا أن يتعلموا كيفية حمل الحقيبة بصورة صحية وسليمة لتجنب أي مضاعفات، وعلى الأم أن تعلم طفلها كيف يحمل الحقيبة، وكيف ينزلها، حيث تقع معظم الإصابات أو المخاطر خلال الحمل أو التنزيل. مخاطر التحدب والجنف ويضيف: «إن الملحوظ أن معظم الأطفال – غالباً- يحملون حقائبهم بطريقة قد تؤذيهم على المدى البعيد حيث إنها تظل معلقة على ظهورهم أو أكتافهم لوقت ليس بالقصير، ويظل الطفل يحمل حقيبته بالطريقة الخاطئة نفسها التي يدعمها ثقلها ومن ثم تؤدي إلى مزيد من الضرر مع كل سنة دراسية. ويشير إلى أن الإصابات قد تحدث حين يلجأ الطفل الذي يحمل حقيبة ظهر ثقيلة إلى تقويس الظهر والانحناء للأمام والالتواء أو الميل لأحد الجانبين وهذه التغيرات في وضع الجسم يمكن أن تتسبب في حدوث خلل في العمود الفقري الذي يصبح على شكل حرف (C) ما يستلزم تدخلاً جراحياً، لذلك يحذر الأطباء من حمل الأطفال لتلك الحقائب الثقيلة خاصة على أحد الكتفين، إذ إن احتمال إصابتهم بأمراض الظهر حينها ترتفع إلى نسبة 30% في حين أن الاحتمال يتناقص إلى 7% فقط في حال حملها على كلا الكتفين. كما أن حمل الحقيبة على كتف واحدة يسبب انحناء جانبياً وقد يؤدي إلى سير الطفل بطريقة غير طبيعية ومختلة، ومن نتائج الثقل الزائد في الحقيبة المدرسية أنه يؤدي إلى استدارة الظهر إلى الأمام أو تحدّبه، ما يؤثر على شكل الجسم بصفة عامة وعلى العظام والجملة الحركية بصفة خاصة. ويقول: إن ما يزيد من قلق الأطباء والأهل في هذا الصدد، هو أن مضاعفات المرض قد لا تظهر بشكل واضح في مرحلة الطفولة وإنما قد تتطور بمرور الأيام لتظهر في المستقبل على شكل تحدّب في الظهر أو «الجنف» وهو الميل بالجسم نحو أحد الجانبين، كما تتسبب الحقيبة المدرسية الثقيلة المحمولة على الظهر بشكل غير مناسب في جعل العضلات تعمل بشكل أكثر قسوة مما يؤدي إلى إصابتها بالتوتر والإجهاد ويجعل العنق والكتفين والظهر أكثر عرضة للإصابة. أنسب الأوزان وكشف مسح لجمعية آلام الظهر في بريطانيا، أجري على ألف تلميذ في الصفوف المبكرة، عن أن حمل 80% من الأطفال لأوزان تفوق طاقتهم من حقائب سيئة التصميم لا تساعد على حماية الظهر. لذا وجهت الجمعية عدداً من النصائح للآباء والأمهات وإدارات المدارس بهدف حماية ظهور التلاميذ، والأوزان التي يتحملها كل طفل بحسب سنه. وفي هذا الصدد، يشير المسح إلى أن التلميذ الذي يتراوح عمره بين 11 سنة و14 سنة، ووزنه بين 37 كيلو غراماً وأربعين كيلوجراماً، يتراوح الوزن المثالي لحقيبته بين 3.7 كيلو جراماً و 4.1 كيلو غراماً. أما إذا زاد وزن الحقيبة عن 11 كيلو جراماً، فإنها تصبح عالية الخطورة وتتسبب في انزلا قات غضروفية أو تمزقات في عضلات وأربطة الظهر، لأن وزنها في هذه الحالة يزيد عن 30% من وزن الجسم. أما إذا كان عمر التلميذ يتراوح بين 13 عاماً و 14عاماً، ويتراوح وزنه بين 47 كيلو جراماً و 53 كيلو غراماً، فإن الوزن المثالي للحقيبة يتراوح بين 4.7 كلجم و5.2 كلجم، ويعتبر الوزن 14.3 كلجم و 15.6 كلجم للحقيبة خطيراً جداً. وإذا كان عمر التلميذ يتراوح بين 15 – 16 عاماً، ووزن جسمه يتراوح بين 52 – 62 كلجم، فإن الوزن المثالي للحقيبة في هذه الحالة يتراوح بين 5.6 – 5.9 كجم بما يشكل 10% من وزن الجسم. أنسب الطرق لتجنب خطر حمل الحقيبة المدرسية: * يجب حمل الحقيبة على الكتفين باستخدام حزامين بحيث يتوزع وزنها بشكل أفضل. * يجب وضع حقيبة الظهر فوق عضلات منتصف الظهر، بحيث ترتكز فوق الظهر بشكل متوازن. * يتعين تعديل وضعية أحزمة الكتفين للسماح للطفل بحمل وخلع حقيبة الظهر بسهولة ويسر. * يجب شد الأحزمة بحيث لا تصل الحقيبة إلى أسفل الظهر. * يجب تخفيف محتويات حقيبة الظهر قدر الإمكان، وتنظيم محتوياتها بوضع الأشياء الأثقل أقرب إلى الظهر. * يتعين اختيار حقائب الظهر ذات العجلات باعتبارها الأمثل للأطفال الذين لا يحتاجون إلى استخدام الدرج بشكل متكرر. * يجب مراعاة مايلي عند استخدام حقائب الظهر ذات العجلات: * أن يكون مقبض الحقيبة طويلاً بدرجة كافية حتى لا يضطر الطفل إلى الالتواء أو الانحناء أثناء حملها وإنزالها. * أن تكون العجلات كبيرة على نحو كاف حتى لا تهتز الحقيبة أو تنقلب.