خلَّفت الأمطار التي هطلت في السودان خلال الأيام الماضية أوضاعاً كارثية لسكان بعض مناطق العاصمة الخرطوم وأنحاء متفرقة من البلاد. ودمَّرت الأمطار التي هطلت بغزارة عديداً من المنازل في أطراف العاصمة وبعض الولايات. وبلغ ارتفاع المياه في بعض أحياء الخرطوم متراً ونصف المتر، ما تسبب في انهيار منازلٍ وتشريد سكانها. وفاقت معدلات الأمطار الحالية أمطار عام 1988 ب15 ملم، إذ بلغت 100 ملم، مع توقعات من قِبَل الأرصاد الجوية باستمرار هطول الأمطار في ولاية الخرطوم طوال الأسبوع الجاري. ووصل عدد المنازل المنهارة كلياً إلى أكثر من تسعة آلاف منزلٍ في شرق النيل بولاية الخرطوم، بخلاف المنازل التي تهدَّمت جزئياً، فيما تشير تقديرات أخرى إلى أن عدد المنازل المنهارة كلياً في البلاد وصل إلى أكثر من 70 ألف منزل، وتجاوز عدد المتأثرين سلباً بالسيول 100 ألف شخص. وتأثرت خمسون قرية في منطقة شرق النيل بولاية الخرطوم بالأمطار والسيول، وامتد تأثير الأمطار إلى كل ولايات السودان، ما عدا ولايات دارفور والشمالية. وتحاصر المياه الآلاف من السكان في منازلهم نتيجة لسوء البنية التحتية ومصارف مياه الأمطار والسيول، وتسببت الأمطار في تدمير بعض المنشآت العامة وقطع الطريق القومي الذي يربط العاصمة الخرطوم بشرق السودان. وقُتِلَ أكثر من ثلاثين شخصاً غرقاً أو تحت أنقاض المنازل المنهارة، ويفترش ضحايا السيول والأمطار العراء دون مأوى. وتعرَّض ضحايا السيول لموجة ثانية من الأمطار أمس الأول الجمعة، وهم يفترشون العراء دون خيام إيواء، فيما ظلت عديد من الأسر دون ماء أو طعام. وقطعت مياه الأمطار الراكدة المواصلات الداخلية لتحيل معظم الطرقات إلى بركات مياه، فيما تحوَّلت الخرطوم إلى مدينة عائمة أشبه بالبندقية الإيطالية. من جانبهم، ينشط شباب السودان لتقديم الدعم اللازم لإغاثة المتضررين من خلال مبادرة «نفير». ويجتهد الشباب في تجميع الدعم الشعبي لتقديم المساعدات العاجلة والضرورية للمنكوبين، وتقوم فكرة «نفير» على استقطاب الجهود الشبابية لتغطية أكبر جزء من الاحتياجات الإنسانية بصورة عاجلة سواء كانت خيماً أو ناموسيات أو مواد غذائية أو أدوية. وتحولت الفكرة البسيطة إلى بؤرة تجمَّع حولها الشباب الراغبون في مساعدة المتضررين من الأمطار والسيول الأخيرة. وأنشأ شبابٌ سوداني صفحة للمبادرة على موقع «فيسبوك»، كما أسسوا غرفة طوارئ لتلقي البلاغات عن أي منطقة متضررة. وكانت ولاية الخرطوم أعلنت في وقتٍ سابق عن تكوين صندوق لإعانة المتضررين من السيول في المناطق التي تأثرت بها، فيما تعهَّد الرئيس السوداني عمر البشير، بتعويض المتأثرين مالياً. مناطق شرق النيل في ولاية الخرطوم تضررت من السيول (إ ب أ) امرأة سودانية تستخدم عصاها للمرور وسط المياه بعد تهدم منزلها (رويترز) الرئيس السوداني يعاين الأضرار خلال رحلة جوية (رويترز)