وصل الزعيم الروحي لتنظيم القاعدة في أوروبا، عمر محمود عثمان الملقب ب «أبو قتادة»، أمس إلى عمَّان وسط تشديدات أمنية غير مسبوقة، فيما حصلت أسرته على تعهد قضائي بالافراج عنه بكفالة بعد 7 أيام. وبمجرد وصول «أبو قتادة» إلى محكمة أمن الدولة الأردنية صباح أمس وجَّه مدعي عام المحكمة له تهم القيام بأعمال إرهابية، وبذلك أُلغِيَت العقوبة الغيابية عنه، وهي السجن المؤبد، بسبب حضوره. كما قرر مدعي عام محكمة أمن الدولة توقيف «أبو قتادة» 15 يوماً على ذمة التحقيق في مركز إصلاح وتأهيل الموقر. وأصدرت محكمة أمن الدولة الأردنية حكمين بحق «أبو قتادة» في 1998 و2000 بالأشغال الشاقة لمدة 15 عاماً بعدما كان غادر أراضي المملكة الأردنية الهاشمية في 1989. كما حوكم «أبو قتادة» بتهمة «تمويل جماعة محظورة» و«الارتباط بالقاعدة» بالإضافة إلى «التحضير لهجمات على أهداف أمريكية ويهودية وزوار مسيحيين في الأراضي المقدسة عام 2000». وكان «أبو قتادة» وصل مطار ماركا المدني صباح أمس الأحد وسط حراسة أمنية، حيث حُوِّلَ إلى محكمة أمن الدولة فيما مُنِعَ المراجعون من دخول المحكمة، حتى الساعة الواحدة ظهراً لأسباب أمنية. من جانبه، أكد وزير الدولة لشؤون الإعلام الناطق الرسمي باسم الحكومة، محمد المومني، أن المحكوم «أبو قتادة» تم جلبه فجر أمس الأحد على متن طائرة خاصة من لندن. كما أوضح في تصريح صحفي أن الحكومة اتخذت كافة الإجراءات الرسمية مع الجهات البريطانية لجلب المحكوم «أبو قتادة» ومحاكمته في قضايا التورط في هجمات إرهابية على الأردن عام 1998. وقال المومني إن الدستور الأردني يكفل ل «أبو قتادة» محاكمة عادلة أمام القضاء الذي يتمتّع بالنزاهة واحترام حقوق الإنسان. وأضاف أن جلب «أبوقتادة» يُمثل رسالة واضحة لكل الفارين من وجه العدالة الأردنية بأنهم سيخضعون للمحاكمة أمام القضاء لا محالة، مهما طالت بهم الأيام خارج حدود الوطن. وأشار إلى أن الحكومة حرصت على توخي المصداقية والدقة والشفافية في التعامل مع ملف أبو قتادة، لهذا أعلنت عن جلبه عندما غادر بالفعل الأراضي البريطانية في طريقه للأردن، ليكون خاضعاً للتشريعات والقوانين الأردنية وتحت السُلطة والسيطرة الأردنية. وعلى صعيد آخر، أكد القيادي في التيار السلفي الجهادي، محمد الشلبي الملقب ب «أبو سياف»، وصول «أبو قتادة» إلى الأراضي الأردني ومثوله أمام المدعي العام، مشيرا إلى انتظاره حكم القضاء. ونفى «أبو سياف»، في تصريحٍ ل «الشرق»، إمكانية تكفيله من قِبَل التيار السلفي الجهادي قانونياً، مشيراً إلى أن أهله هم أصحاب الحق القانوني بتكفيله وأن هناك مباحثات حول إمكانية تكفيله مقابل التعهد بحضور جلسات المحكمة في موعدها. وأبلغ «أبو سياف» «الشرق» أنه سيقوم بزيارته وأعضاء التنظيم غدا الثلاثاء في سجن الموقر، لافتاً إلى عدم حاجته إلى توكيل محامين إضافيين، حيث يقوم المحامي الآن بالإجراءات القانونية اللازمة بالإضافة إلى رقابة منظمات حقوق الإنسان لوضعه سواءً القانوني أو الصحي. وتابع «أنا واثق من براءة «أبو قتادة» لأنه لم يكن في الأردن وقت وقوع التهم المسندة له»، معبراً عن أمله في الإفراج عنه قريبا. ووصل «أبو قتادة» الأردن أمس في حضور مدير مركز عدالة لحقوق الإنسان، المحامي عاصم ربابعة، وهو المكلف من الحكومة البريطانية لمتابعة مجريات تطبيق القانون الأردني والمحاكمة العادلة للمتهم. ويعتبر مركز عدالة لحقوق الإنسان الجهة المدنية المشرفة على عملية تسلم رجل الدين من السلطات البريطانية إلى نظيرتها الأردنية ومراقبة سير عمليات الاستجواب والمحاكمة، وقد بدأ «عدالة» في تشكيل وفد يتألف من 4 أشخاص، يضم طبيباً شرعياً وطبيباً نفسياً ومحامياً إضافةً إلى رئيس المركز عاصم ربابعة. وقد وصل «أبو قتادة» أمس إلى الأردن بعد 9 أعوام من الصراع القانوني والقضائي في بريطانيا والمحاكم الأوروبية، حيث كان يمثل وجوده على الأراضي البريطانية إشكالاً سياسياً وأمنياً وتهديداً للأمن الوطني بحسب بيانات وزارة الداخلية البريطانية. وكانت بريطانيا تحاول منذ العام 2005 ترحيل «أبو قتادة» وتمكنت من عقد المذكرة واتفاقية أمنية مع الأردن، إذ تم اعتقاله وإطلاق سراحه مرات عديدة طوال المعركة القضائية. و«أبو قتادة»، واسمه الحقيقي أبو عمر محمود محمد عثمان، مولود في 1960 قرب مدينة بيت لحم الفلسطينية، وقد غطت صوره بلحيته الرمادية وبنيته الضخمة إذ يبلغ طوله 1.90 متر ووزنه 120 كلغ، الصفحات الأولى للصحف. ووصل «أبو قتادة» إلى لندن منذ 1993 قادماً من باكستان بجواز سفر إماراتي مزور وطلب اللجوء السياسي الذي حصل عليه في 1994، وأقام مع زوجته وأبنائه الخمسة في غرب لندن واعتمد على المساعدات العائلية الحكومية. وفي شقة محمد عطا، أحد منفذي اعتداءات 11 سبتمبر 2011، عُثِرَ على 18 شريطا مسجلا لخطب «أبو قتادة».