ماذا لو شبهنا الفاسدين ب”ديدان الأمعاء” لتشابه سلوكهما الطفيلي مع بعض الفوارق التي تؤكد أن الديدان أعلى قدراً من “الفاسدين”، كون تلك الديدان مجبرة على التطفل لضمان استمرارية العيش، فيما الفاسدون “يتطفلون” بسبب استمرارية “الجشع”! ديدان الأمعاء والفاسدون كلاهما لا يُرى، ويحبذان الاستتار في أماكن “حرجة” يصعب الوصول إليها! ثم إن منشأ تطفلهما يبدأ بتوافر البيئة الحاضنة لحياتهما الدنيا، فينطلقون في رحلة الإيذاء متجاوزين كل الخطوط الدفاعية، ويستقرون في أماكن “إستراتيجية” ثم يتكاثرون بعد ذلك ويكبرون وقد ينتشرون، فتنتقل العدوى وتصبح وباءً عاماً صعب الاحتواء والسيطرة! أما آثارهما التدميرية فلا مناص منها ولا فكاك، فالديدان تسبب للجسد المتطفلة عليه جملة من الاضطرابات، فهي تضعف كريات الدم البيضاء فتقل مقاومة الجسم ويصيبه النحول والاصفرار، لعدم تلبية احتياجاته من الفيتامينات والعناصر الغذائية، ولا يستطيع المصاب -مهما التهم من طعام- تعويض النقص، والديدان “الماصة” للتنمية لها نفس المفعول، فهي تضعف جسد التنمية والتطور فتتوقف المشروعات وتتعثر، ومهما تمَّ اعتماد المزيد من المال زاد شرهها وطمعها أيضاً! وإن كان غسل وتعقيم الطعام الوسيلة الأولى لضمان عدم الإصابة بديدان الأمعاء فإن نفس النصيحة قد تنفع مع “ديدان التنمية” بتعقيم المال العام بقوانين مفعلة وعقوبات مطبقة رادعة لا تستثني طفيلياً قوياً واحداً مع إصلاح شقوق البيروقراطية المسربة للمال العام، فإن طبقنا ذلك فمن السهولة بمكان مكافحة الديدان الصغيرة بأيسر العلاجات وأسهل الخطوات الوقائية!